الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

•انخفاض أسعار النفط «حجة» و«حاجة»!

  • انخفاض أسعار النفط «حجة» و«حاجة»!

  • نتابع في هذه الأيام بكل اهتمام موضوع تقلبات وانخفاض أسعار النفط العالمية، ونرصد ما قد يترتب على هذا الانخفاض من آثار وتداعيات، كما انني اعتقد بأن انخفاض أسعار النفط بهذا الشكل له أبعاد سياسية على المستوى الدولي، وأخرى على المستوى الوطني أو الداخلي.
    ومن يتابع الحالة الدولية في الفترة الاخيرة قد يلاحظ أن هناك صراعا واضحا بين الولايات المتحدة الامريكية ومجموعة الحلفاء الأوروبيين لها من جانب، وروسيا من جانب آخر، خصوصا بعد أحداث أوكرانيا الاخيرة، فلذلك سارع العم سام لفرض العديد من الإجراءات العقابية على الدب الروسي بمعاونة حلفائه الأوروبيين، وذلك في المجالات التي تمثل أهمية قصوى في مجال الإيرادات المالية لروسيا وتحديدا في قطاع البترول والغاز الطبيعي، حيث تمثل مساهمة هذا القطاع من 60% إلى 65% من إجمالي الإيرادات الروسية.
    لذلك نجد أن في هذه الفترة ركز الغرب على إضرار روسيا اقتصاديا، وذلك بالايعاز لكل الحلفاء والأصدقاء على مستوى العالم «الكويت ضمن هذه الحزمة» في رفع إنتاج النفط بهدف الضغط على الدب الروسي للتخفيف من حدة سياساته الدولية التي تخالف سياسات ذلك التحالف الامريكي الاوروبي.
    ومن جانب آخر، تحاول دول الخليج أيضاً الاستفادة من تلك الإجراءات في مجال الحد من السياسات الإيرانية العدائية تجاه المنطقة، وكذلك تقويض المشروع الإيراني التوسعي الطامح للسيطرة على المنطقة ومقدراتها، وذلك من خلال تقويض التواجد والسيطرة الإيرانية في كل من «العراق، وسوريا، واليمن»، حيث يكمن أهم محددات نجاح ذلك المشروع التوسعي الإيراني في قدرتها على تمويله في ظل أوضاع إيران الاقتصادية المتردية في الأساس، والتي تعتمد على النفط بشكل كبير في جني إيراداتها المالية.
    ولكن في خضم تلك التوجهات والسياسات الدولية والإقليمية يجب أن نعرف ونعي بأن هناك أمرا مهما يجب التركيز عليه على مستوى دولة الكويت، والذي يؤكد مدى ضعف الهيكل الاقتصادي الكويتي ومدى التشوه الذي يعاني منه، حيث تبين العديد من الإحصائيات الرسمية بأن دولة الكويت تعتمد النفط بشكل يكاد يكون شبه كامل في جني إيراداتها المالية بنسبة وصلت لنحو 95% ، بينما تعتمد على ما نسبته 5% فقط على إيرادات أنشطة اقتصادية أخرى «غير نفطية»، مما يؤكد على أن رفاهية الموطن الكويتي مرتبطة بشكل كبير على أسعار النفط، وأن أي انخفاض سيؤثر بشكل سلبي على إيرادات الكويت المالية واقتصادها.
    وبذلك نجد في هذه الفترة وبعد انخفاض أسعار النفط ان السطة اتجهت إلى الحديث عن تقليص الانفاق العام وخصوصا في مجالات الدعم كما هو متداول، وذلك لتجنب أي عجز قد يحدث نتيجة ذلك الانخفاض. مما يؤكد ما قلته أعلاه بأن أسعار النفط مرتبطة برفاهية المواطن الكويتي.
    ولكن سؤالي للسلطة، لماذا لم تبادر السلطة في الفترات السابقة بإصلاح هيكلها الاقتصادي وتنويع مصادر دخلها كما فعلت دولة الامارات العربية المتحدة من قبل بتنويع مصادر دخلها؟ حيث قامت الامارات برفع نسبة إيراداتها غير النفطية من خلال تطوير قطاعات السياحة والتجارة والأعمال.
    إن هذا الوضع الذي تعيشة الكويت يؤكد فشل السلطة في قدرتها على تنويع مصادر دخلها أو إيرادتها المالية مما يجعلها عرضة لتقلبات أسعار النفط، ومما يحد من قدرتها على تنفيذ وتمويل مشاريعها العامة، والمحافظة على رفاهية المواطن بمستويات مقبولة، فهل يعقل أن رفاهية المواطن الكويتي تكون مرتبطة بفشل السلطة في قدرتها على إدارة الملفات الاقتصادية؟ وهل يعقل أنه لا يوجد في الكويت من الكفاءات البشرية القادرة على قيادة تلك الملفات الاقتصادية؟ أو أننا يجب أن نقبل بخيارات لا تملك الكفاءة والفعالية لتطوير البلاد، وبذلك يجب على المواطن أن يتحمل الفشل المستمر في اختيار من هو غير قادر على إحداث التغيير والتطوير المنشود، وكما أردد مرارا وتكرارا بأن أسوأ شيء ممكن أن يحدث لأي دولة هو إحباط الكفاءات وتهميشهم، فيسيطر بذلك على مفاصلها مجموعة فاشلة تتردى على أيديهم الدولة ومرافقها.
    فبذلك تبين الاحداث الاخيرة، بأن انخفاض أسعار النفط كان «حجه» للسلطة في تنفيذ أجندتها في تحميل المواطن بعض الالتزامات التي كانت تلمح لها من حين لآخر كالضرائب ورفع الدعم عن المواطن وغيرها، و«حاجة» لتأكيد مدى قوة صداقة «تبعية» السلطة للولايات المتحدة الامريكية في مجال سياساتها الخارجية، ولكني سأقدم النصح للسلطة لعلها تستفيد من هذه الاحداث، قد تكون هذه المرحلة درسا يمكن ان تستفيد منه السلطة في مجال أن النفط لا يمكن الاعتماد عليه كمصدر وحيد للإيرادات والدخل، وانه يجب عليها إيجاد بدائل لذلك كما فعلت الامارات من قبل، لذلك أقولها للسلطة نوعوا من مصادر دخل الكويت وإيراداتها، حافظوا على رفاهية الشعب، صادقوا واتبعوا من تريدون ولكن ليس على حساب المواطن الكويتي، لأن «الشرعية» تعني رضا المحكوم عن الحاكم.
    ولكن واقع الحال يقول:
    لقد اسمعت لو ناديت حيا
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    د.فيصل المناور
    رابط المقال

    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق