كلنا تابع قرار الحكومة الأخير والذي يقضي برفع تسعيرة الديزل، والذي يعد أحد أهم مصادر الطاقة المحركة للعديد من الآليات والمعدات التي تسخدم في العديد من القطاعات كالبناء والتصنيع والنقل وغيرها، وهي بداية حقيقية لرفع الدعم عن كثير من السلع والخدمات في المستقبل القريب بل والقريب جداً، وذلك دون دراية أو قد يكون عن جهل أو قصد متعمد.
هل تعلم الحكومة بأن هذا الرفع غير المدروس قد يؤدي إلى مزيد من الالتزامات التي ستترتب على المواطن؟ وهل تعلم أن هذا الرفع لتسعيرة الديزل سيؤدي إلى ارتفاع أسعار مواد البناء؟ ومن ثم أسعار نقل تلك المواد؟ ومن ثم ارتفاع تكلفة امتلاك مسكن؟ ألم تقل الحكومة -على لسان وزير الدولة لشؤون الإسكان- بأنها تسعى لحل أزمة السكن؟ ولكن هذا الإجراء سيزيد من معاناة المواطن وسيعمق من تلك الأزمة، وهل تعلم أن المواطن ينفق اليوم نحو ثلث راتبة كقيمة ايجار مسكنه، وأن أسعار البناء تضاعفت لأكثر من ثلاث مرات في آخر عشر سنوات، وان هناك ارتفاع جنوني في أسعار العقار لا يمكن رصده؟ ثم تأتي الحكومة بكل بساطة لترفع أسعار الديزل الذي يعتبر المحرك الرئيسي لكل عملية تشييد المنازل، اضف الى ذلك ان كل سلعة تصنع بآليات ومعدات يستخدم فيها الديزل لتحريكها سيتضاعف سعرها، فهنا يظهر لنا ان المواطن سيدفع تكلفة ذلك.
لماذا تكلفة الديزل في دولة كالسعودية تصل الى 21 فلس تقريبا بينما تصل في الكويت الى نحو 170 ولا يفصلنا عن المملكة سوى بضعة كيلو مترات، نفس التضاريس ونفس التقنيات المستخدمة في عملية استخراج وتصنيع الديزل! مع العلم ان هذا الرفع لسعر الديزل على الأفراد فقط من خلال محطات تزويد الوقود، ولكن الشركات لم يرفع عليها السعر، وان رفع سعر الإسمنت أتى بتصرف من الشركات وهي لم تمس في عملية رفع تسعيرة الديزل مما يوضح مدى جشع تلك الشركات في ظل غياب دور وزارة التجارة في عملية ضبط الاسعار ومحاربة الغلاء «أبوي ما يقدر إلا على أمي».
أعتقد بأن السلطة تسعى لمعاقبة المواطن من خلال ادارة سمتها الفشل، فلم تكتفي بعملية التهميش وتقويض المشاركة الشعبية، وخطف مجلس الأمة من الأمة، بل انها بدأت الآن بمس الاحتياجات الأساسية للمواطنين، من خلال خطط التقشف غير المبررة، ودعوات فرض الضرائب والرسوم، ورفع الدعم، مع العلم ان لدينا في الكويت نحو 37 الف اسرة مصنفة من الاسر ذات الدخل المحدود، فهل تسعى الدولة لخلق فئة أوشريحة جديدة تسمى بشريحة الفقراء بشكل صريح في بلد المليارات، فإذا كانت السلطة تسعى من وراء تلك الاجراءات لسد العجز الكاذب الذي تدعيه فعليها محاربة الفساد، والهدر في الموازنة العامة، ومحاسبة الشركات التي لا تنفذ مشاريعها «ربع استاد جابر»، ويكون لديها إدارة مالية احترافية، وتفرض بعض الرسوم على التجار، وليس كما تفعل بالتضييق على المواطن.
ولكن كما قلتها منذ فترة ستتجرأ السلطة على مَس الاحتياجات الاساسية للمواطنين لأننا سمحنا لهم بالصغائر فجاء الدور على الكبائر والديزل هو البداية فقط ، ولكن اقول للسلطة لتحذر من اللعب بالنار فمن الممكن أن يصبر الفرد على العيش بدون ديمقراطية لفترة ولكن لا يتحمل العيش ولو للحظة عند المس باحتياجاته الاساسية، التاريخ يقول ذلك.«عيش- حرية - عدالة اجتماعية».
ولكن كما يقال:
لقد اسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي
د.فيصل المناور
رابط المقال