السبت، 7 نوفمبر 2015

مقال .... لم يتغير شيء


         مقال .... لم يتغير شيء
 
 
 توقفت عن الكتابة لفترة تجاوزت الأربعة شهور، لكي أقيم الأوضاع العامة للبلاد، ومدى التقدم والتطور أو التراجع والإخفاق الذي تحقق، وفي تلك الفترة حاولت أن أتجرد من كل أفكاري ومعتقداتي السياسية المعارضة، لكي أكون موضوعي أو حيادي في تقييمي للأوضاع الحالية، وحاولت كذلك أن أراقب المؤشرات العامة، وأحللها لكي أطلق أحكام تستند إلى أرضية صلبة من الحجج، وقررت كذلك أن أنشر مقالاتي من خلال مدونتي الخاصة، لكي أحصل على قدر أكبر من الحرية في طرح ما أود طرحه.

فوجدت أن الحالة العامة لا زالت تتجه نحو الأسوء، فمثلاً على مستوى أجهزتنا الإدارية وفعالية الحكومة في إنجاز سياساتها، كل المؤشرات تدلل على التراجع بالرغم من تصريح سمو رئيس مجلس الوزراء بأن الإنجاز التنموي قد بلغ 80%، وكأننا نعيش في بلد غير الكويت، فهو بكل تأكيد تصريح مضلل، كيف ذلك؟!

 من المعروف بأن أي خطة تنموية يجب أن تستند إلى هدف استراتيجي، وقد حددت دولة الكويت الهدف الاستراتيجي، بأن تكون الكويت مركز مالي وتجاري عالمي، وبذلك يجب أن تعمل الخطط التنموية للوصول إلى هذا الهدف من خلال سياسات ومشروعات، وكانت الخطة التنموية لدولة الكويت تحتوي على 1200 مشروع، وهي بطبيعة الحال بحسب تقييمي بعيدة (المشروعات) عن تحقيق ذلك الهدف الاستراتيجي، إلا أن الحكومة بدت مقتنعة بأن هناك عدم قدرة لأجهزتها ومؤسساتها على تنفيذ تلك المشروعات، مما دفعها إلى تقليص تلك المشروعات إلى عدد 350 مشروع، وفي مراجعة أخرى لتلك المشاريع أدركت الحكومة بأن من الصعب عليها تنفيذ ذلك العدد من المشاريع لتعود مره أخرى وتقلصها لتصل إلى عدد 100 مشروع فقط، دولة كاملة بمؤسساتها وأجهزتها ومواردها الضخمة تعمل على إنجاز 100 مشروع فقط!! قلبي لا يتحمل هذا الضعف، الله المستعان. وبعد، إن أسلوب تقييم مدى تنفيذ تلك المشاريع بالنسبة للحكومة لا يعتمد على مستوى الإنجاز على ارض الواقع أو مدى التقدم المحرز على مستوى تحقيق الهدف الاستراتيجي العام (الكويت مركز مالي وتجاري عالمي)، أو مدى المردود الإيجابي لتلك المشروعات على المواطن، بل إن التقييم يعتمد على مستوى الانفاق أو الصرف على تلك المشروعات فقط، أي باختصار أنه تم صرف 80% من الأموال المخصصة لتلك المشروعات، حتى لو أنه لم يتم تحقيق أي شيء، يعني ذلك يا كويتيين المال العام صرف بدون نتيجة أنه الهدر يا أعزاء، وفي روايه أخرى قد يكون للفساد دور في ذلك.

 وكذلك لازالت الحكومة تتحدث عن أننا نواجه عجز مالي!! بالرغم من أن الوكالات العالمية المتخصصة في مجال متابعة الأوضاع المالية تجمع بأن الكويت الدولة الخليجية الوحيدة التي لازالت تحقق فوائض، ولا تواجه عجز، لماذا؟ لان الكويت لا تنفق على المشاريع العامة، والتي تتمثل في البنية التحتية، وتطوير التعليم، والخدمات العامة وغيرها، باختصار دولة بخيله على نفسها.

 حتى على مستوى توفير السكن للمواطن بدأت الدولة بتوزيع الأراضي على المواطنين بشكل ملفت، ولكن هذا التوسع في توزيع الأراضي السكنية ينم عن ضعف الفهم والرؤية، لماذا؟ لأن هذا التوزيع غير منضبط، كيف ذلك؟ نجد بأن التوزيع يقع في مناطق بعيدة نسبياً عن مركز المدنية، هل هذه المدن والمناطق سيفتح فيها فروع للجامعات والمؤسسات؟ وهل سيتوفر فيها فرص عمل لسكانها؟ وهل سيتوفر فيها مدارس خاصة على مستوى عالي كما في المناطق القريبة من المركز؟ ماذا عن الطرق المؤدية للمركز؟ وماذا عن مشاريع الكهرباء؟ وماذا عن توفير وسائل النقل مثل المترو وشبكة القطارات التي تصل الجنوب بالشمال والشرق بالغرب؟ وغيرها؟ أنه مشروع فاشل بكل تأكيد، لأن الحكومة لا تعي مفهوم المجتمعات العمرانية.

 لقد نجحت السلطة بشكل رائع وملفت في أمر واحد فقط، وهو اسكات معارضيها، والتضييق على الحريات بإغلاق الصحف والقنوات التي تعارضها، وسحب جناسي بعض الأسر، وترهيب الناس، وقفل كل قنوات الحوار، وفرض ارادتها عنوه، والانفراد بالسلطة، واختطاف البرلمان، وتقويض المشاركة الشعبية، وغيرها.

 كما لاحظت أيضا، بأن هناك غضب عام، وحاله من عدم الرضا على أداء الحكومة ومؤسساتها، وغضب عام آخر على مستوى أداء مجلس الأمة الذي لا يمثل الأمة، لاحظت أيضاً بأن هناك يأس واحباط من قبل عامة الناس، وعدم الثقة بمستقبل البلد.

للأسف لم يتغير شيء والبلد الان في سقوط حر في حفره مظلمة، والله المستعان، وكما يقال:

لقد اسمعت لو ناديت حياً

ولكن لا حياة لمن تنادي

 

تحياتي

د. فيصل المناور