الثلاثاء، 20 يناير 2015

•الشعب هو الحل

  • الشعب هو الحل
  • الكويت.. دولة صغيرة في مساحتها، كثيرة الموارد، قليلة الكثافة السكانية. لديها أموال طائلة، ومورد نفطي يتعبر شريان الحياة للعالم أجمع. تمتلك من المداخيل ما يسد به عين الشمس (ما شاء الله تبارك الله). ولكنها في نفس الوقت تعاني من مشاكل لا تعد ولا تحصى؛ فساد منتشر، مرافق صحية متهالكة، بنيه تحتية قديمة، مرافق تعليمية عفا عليها الزمن، أزمة في توفير المساكن، تراجع الحريات العامة، غلاء أسعار، غياب مشروع المواطنة، ضعف العدالة الاجتماعية، تأخر إنجاز المشاريع، انجاز تنموي مفقود، التجار أولاً والشعب أخيراً... والكثير الكثير من المشكلات.
    ولكن هل تعلم عزيزي القارئ أننا في الكويت ليس لدينا أي مشاكل مالية تمنعنا من حل تلك المشكلات وتجاوزها، بالرغم من تهويل وتضخيم السلطة بأن الدولة مقبلة على أزمة مالية كبيرة نتيجة انخفاض أسعار النفط «حجي فاضي»، رفعوا الدعم عن الديزل فوفرت الدولة بذلك نحو 280 مليون دينار كويتي، ولكن في نفس الوقت تمت حماية التجار من انخفاض اسعار سلعهم، وخسر المواطن وحده بذلك نحو مليار دينار كويتي، ولك أن تعرف في هذا الصدد أن سعر متر «العازل» الذي يستخدم في عمليات البناء والتشييد قد ارتفع من 2.5 دينار كويتي إلى نحو 6 دنانير كويتية ... أنه مجرد مثال.
    لماذا المواطن يتحمل كل هذه الكلفه الناتجة عن سوء إدارة الدولة؟!
    مع العلم أن صناديقنا السيادية تحتوي على مئات المليارات وهي تسيح في الأرض من مشارقها إلى مغاربها، ولك أن تعرف أن الكويت تمتلك أكثر من 548 مليار دولار في الصندوق السيادي الذي تديرة فقط الهيئة العامة للإستثمار، وهي أموال لا يسمح بمراقبتها من أي طرف، وإن كان هناك مراقبة فهي صورية أو شكليه غير فعالة، وهي أيضاً لا تدخل ضمن موازنة الدولة العامة لا في أرباحها ولا خسائرها «وين الشفافية يا جماعة»، كما يحتل ذلك الصندوق المتخم بالمليارت المركز السادس عالمياً ضمن تصنيف أكبر 20 صندوق سيادي في العالم في ديسمبر من عام 2014، هذا بالإضافة إلى أن مجموع الفوائض المالية الصافية للدولة منذ عام 2000 وحتى عام 2014 قد بلغ نحو 129 مليار دينار كويتي، وأيضاً إذا ما افترضنا بأن سعر برميل النفط عند 35 دولار سيكون دخل الدولة من مبيعاته نحو 35.77 مليار دولار سنوياً في حال كان انتاج الكويت 2.8 مليون برميل نفط يومياً، علماً بأن أكثر موازنات الدولة إنفاقاً قد بلغ نحو 19 مليار دينار كويتي. أضف إلى ذلك بأن الدولة تتصف بالكرم اللامحدود في تمويل الخارج في المقابل أنها تعد أقل دول الخليج انفاقاً على تنفيذ مشارعها الداخلية «خيرنا لغيرنا».
    أين المشكلة؟!
    المشكلة تكمن - كما قلنا ونقول تكراراً ومراراً- في سوء إدارة شؤون الدولة والمجتمع، وعدم القدرة على السيطرة والتحكم في التغيرات والأحداث، وذلك لضعف واضح في التشكيل أو الفريق الحكومي، الذي لا يتمتع بالقدرة، وضعف تجانسة، وضعف الوعي والفهم العميق والإدارك في مجال الإدارة والتطوير واحترافية وضع وتنفيذ السياسات، وفي نفس الوقت وجود برلمان فاقد للشرعية صوري شكلي غير قادر على المواجهة همه الوحيد التطبيل للحكومة وحمايتها من أي مساءلة ورقابة، وذلك بهدف حماية مصالحة الشخصية، على حساب مكتسبات ومقدرات الأمة «باختصار ليسوا نواب بل مناديب لا أكثر».
    ما هو الحل؟!
    إن الحل يكمن في الإرادة الشعبية الضاغطة والمؤثرة التي تجعل السلطة تستفيق من سباتها، وترجع الأمور لنصابها، تلك الإرادة التي نتج عنها إقصاء رئيس وزراء سابق فشل في إدارة شؤون البلاد، تلك الإرادة التي غيرت من قانون الانتخابات، تلك الإرادة التي جعلت أهل الكويت ينزلون للشوارع ليعبروا عن رأيهم الرافض للنهج الفردي الذي قابله قنابل الغاز والمطاعات من قبل السلطة، لقد كانت لنا كلمة يهابها الجميع، ويعمل لها ألف حساب، متى عادت ستتغير الأمور... الشعب هو الحل.
    ولكن كما يقال ليس كما أردد دائماً بأن:
    لقد أسمعت لو ناديت حياً
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    بل أقول:
    إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
    ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
    د.فيصل المناور
    رابط المقال

    الأحد، 18 يناير 2015

    تأملات في واقع الخلل بالتركيبة السكانية.. من المقالات«الأكثر قراءة هذا الأسبوع»

  • تأملات في واقع الخلل بالتركيبة السكانية.. من المقالات«الأكثر قراءة هذا الأسبوع»
  • إن الخلل في التركيبة السكانية لا يقتصر على جانب واحد بعينه، بل يشتمل على جوانب متعددة تتعلق بنمو السكان وتوزعهم وخصائصهم، ويشكل تهديداً لجهود التنمية. كما يفضي إلى تعثرها على المدى البعيد. لذا هناك مجموعة من الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على الخلل في التركيبة السكانية، التي قد يكون لها دور مباشر أو غير مباشر في تهديد حالة التماسك والاستقرار الاجتماعي للبلاد، ومن تلك الآثار المرتبطة بارتفاع معدلات الزيادة السكانية زيادة أعباء الإعالة وارتفاع نفقات الخدمات الأساسية على الصحة والتعليم وغيرها، وتأتي إشكالية استنزاف الاقتصاد المحلي من خلال زيادة تحويلات العمالة الوافدة، حيث تشكل هاجساً وعبئاً اقتصادياً كبيراً على القائمين على وضع ورسم الخطط الاقتصادية والمالية في البلاد.
    إن المشكلة الاقتصادية لا تكمن فقط في ضخامة حجم التحويلات السنوية للعمالة الوافدة التي بلغت نحو 3 مليار دينار كويتي في عام 2013، ولكنها تكمن أيضاً في ظاهرة الارتفاع الملحوظ في حجم التحويلات السنوية عاماً بعد عام وينذر استمرار تنامي ظاهرة ارتفاع حجم تحويلات العمالة الوافدة بآثار وبمخاطر اقتصادية عديدة، ستعود سلباً على اقتصاد الدولة، ولعل من أبرزها تسرب المخزون من العملات الأجنبية الصعبة وهروبه وهجرته إلى خارج البلاد، واتجاهه إلى البلدان المحول إليها؛ الأمر الذي سيؤثر عاجلاً أم آجلاً بالسلب على موازين مدفوعات الدولة تأثيراً ملموساً، ولا سيما أن مثل هذا التسرب والهروب للعملات الصعبة يمثل نزيفاً مستمراً لمدخرات الدولة من العملة الأجنبية، وتخفيض حجم الفائض في الحساب الجاري.
    كما أن زيادة حجم بعض الجاليات على أرض الدولة قد يشكل ثقلاً سياسياً واجتماعياً، وهذا الوجود المكثف قد يتحول في حالات معينة إلى وسيلة ضغط على الدولة المستضيفة، وقد يكون هناك تخوف دائم من انعكاس التوترات السياسية التي تحدث بين الدول الأم للعمالة الوافدة على الاستقرار الداخلي للدولة المستضيفة للعمالة؛ حيث إن وجود جاليات وافدة بينها صراعات طائفية أو سياسية أو عرقية قد يخلق وضعاً أمنياً داخلياً غير مستقر.
    بالإضافة إلى ما سبق، تتمثل أبرز سلبيات خلل التركيبة السكانية فيما يطلق عليه ظاهرة «الاتكالية بين المواطنين»، التي تعود إلى وجود العمالة الوافدة بأعداد كبيرة مما يشجع المواطنين على العزوف عن العمل اليدوي مثلاً، ومن خلال تحليل التركيبة السكانية للمكون الكويتي من السكان، نجد أن حوالي 37.2% من السكان الكويتيين يقعون في الفئة العمرية «أقل من 15 سنة» في عام 2011، ويمثل هذا الحجم عبئاً اقتصادياً على الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى أن اتساع هذه الشريحة العمرية بين السكان الكويتيين تعكس ارتفاعاً في معدلات الإعالة، وانخفاض المساهمة في قوة العمل، ونتيجة للمشروعات التنموية الطموحة التي تتبناها الدولة والتي لا غنى عنها في تحقيق الأهداف التنموية للمجتمع الكويتي، أضحى الاعتماد على العمالة الوافدة من المظاهر الطبيعية لتلبية احتياجات سوق العمل الكويتي نتيجة عدم توافرها بشكل كامل بين العمالة الوطنية، وكإحدى النتائج السلبية للاعتماد المفرط على العمالة الوافدة يبرز عدد من المظاهر، أهمها عزوف العمالة الوطنية عن القيام ببعض الأعمال ذات النظرة الاجتماعية المتدنية. كل ذلك أدى إلى بزوغ ظاهرة البطالة بين قوة العمل الوطنية على الرغم من توافر فرص عمل للعمالة الوافدة نتيجة قبول الأخيرة بمستوى متدن من الدخل لا تقبل به الأولى.
    ومن الآثار السلبية للخلل في التركيبة السكانية الإضرار بالهوية الوطنية؛ حيث إن الانفتاح العشوائي غير المنضبط، من شأنه أن يضر بهوية المجتمع ويهشم البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمعات الصغيرة نسبياً كالمجتمع الكويتي، ويعزى ذلك إلى جملة من الأسباب، مثل منها ضعف أداء المؤسسات الوطنية، وترهل أنظمتها، والاهتمام باللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية، والانبهار بالثقافات الأجنبية، وضعف الانتماء الوطني، والقصور في فعالية المؤسسات التعليمية، وتأخر أداء وسائل الإعلام، وبروز قيم اجتماعية دخيلة على المجتمع.
    ويمكن القول إن الحالة التي عليها التركيبة السكانية في دولة الكويت تنذر بالخطر، وذلك من منظور أمني واجتماعي واقتصادي نتيجة كون المواطنين أقلية في مجتمعهم؛ مما يؤدي إلى تهديد حالة التماسك والاستقرار الاجتماعي بسبب الشتات المتعدد للسكان والتفاوت الاجتماعي من حيث القيم والعادات والتقاليد بين فئات المجتمع الكويتي من الكويتيين من جهة والعمالة الوافدة من جهة أخرى. لذا، فإنه من الأهمية تدعيم السياسات التي تعزز من التماسك بين الكويتيين الذين يتشكلون من فئات اجتماعية وطوائف متعددة، بالإضافة إلى مد جسور التماسك بين الوافدين متعددي الخلفيات العرقية والثقافية من جهة أخرى، بما يخدم التطلعات العليا لدولة الكويت، ومن ثم فإن هذا الوضع يتطلب نظرة فائقة الدقة بالتعاطي والتعامل معه بما يؤدي إلى إحداث تماسك واستقرار اجتماعي ذي حد أدنى على أقل تقدير يساعد على تقليص الجوانب السلبية بقدر الإمكان.
    يتضح مما سبق، أن هناك علاقة واضحة بين حالة التماسك والاستقرار الاجتماعي والوضع السكاني في دولة الكويت؛ إذ إن لهما علاقة مباشرة ومؤثرة أحدهما في الآخر؛ فإذا كانت الحكومة تسعى لتحقيق نوع من التماسك الاجتماعي فإن عليها العمل على تعزيز الاندماج الاجتماعي وتوحيد صف المواطنين الذين يشكلون فئات اجتماعية متعددة تحت راية ما يعرف بالمواطنة والعدالة الاجتماعية بينهم؛ مما يضفي مناخاً إيجابياً يدفع إلى تحقيق التطلعات الوطنية. ومن جانب آخر، محاولة تقليل التباين والاختلاف الاجتماعي ضمن فئات المجتمع الوافد نتيجة تنوع الأعراق والثقافات؛ بما يؤدي إلى خلق مناخ اجتماعي آمن في الكويت.
    ولكن كما يقال:
    لقد أسمعت لو ناديت حياً
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    د.فيصل المناور
    رابط المقال