الاثنين، 29 ديسمبر 2014

مجرد رأي في مسألة علمنة المجتمعات الاسلامية !

  • مجرد رأي في مسألة علمنة المجتمعات الاسلامية !
  • كلنا يتابع منذ فترة أن هناك حملة شرسة على كل ما هو متصف بالصبغة الاسلامية، هذه الحملة أستطيع ان اطلق عليها من وجهة نظر شخصية «مشروع علمنة المجتمعات الاسلامية»، وهو ايضا ما تم تناوله من قبل المفكر الاسلامي الكبير «سيد قطب» «رحمه الله» عندما قال مقولته الشهيرة «انهم يريدون إسلاما أمريكيا اسرائيليا يستفتى في نواقض الوضوء ولكنه لا يستفتى في اوضاع المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، نعم انه واقع مؤلم. كيف يحدث ذلك؟
    اعتقد ان مشروع «علمنة المجتمعات الإسلامية» قد بدأ بالفعل باجراءات ترجمت على أرض الواقع كلنا يعيشها حاليا حيث استخدم اصحاب هذا المشروع لتحقيق اهدافهم نفس الأدوات التي استخدمت في علمنة المجتمعات الغربية، وذلك من خلال إفساد المؤسسات الدينة النصرانية «بالمال»، وجعلها السبب الرئيسي في تخلف الغرب، حتى فصلوا الدين عن الدولة، ولكن في تنفيذ مشروع علمنة المجتمعات الإسلامية كانت المداخل مختلفة، اذن ما هي المداخل؟
    اعتقد ان المدخل الأول هو القضاء على ما يعرف بالحركات الاسلامية المعتدلة، والسماح لحركات أخرى اكثر تشددا بأن تنشط وتكسب مساحات وقتية ومن ثم توجيه الآلة الإعلامية لتشويه صورة الاسلام، ثم الانطلاق نحو القضاء عليها بحجه الارهاب ولك خير دليل على ذلك في محاولات القضاء على حركة الاخوان المسلمين، وإعطاء «داعش» الضوء الأخضر للتمدد وتصيد الأخطاء لتشويه صورة الاسلام والمسلمين ومن ثم التحرك للقضاء على «داعش» وهو مطبق حاليا، فيتم بذلك القضاء على كل الحركات الاسلامية، وابقاء نوع واحد من تلك الحركات الذي يهتم بنواقض الوضوء على حساب أحوال المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذا بالاضافة الى التأثير على مختلف الحركات الاسلامية وحثها على تغيير خطابها الدعوي والذي هو أساس وجودها ووظيفتها الى خطاب سياسي محض يعتمد في أطروحاته بشكل غير مباشر على الميكافلية «الغاية تبرر الوسيلة» وكذلك في بعث روح التراخي في بعض أحكام الشريعة وخصوصا في مسألة فصل الجهاد عن الإسلام وتصويره على انه ارهاب وهذا ما يناقض قول الله تعالى:
    (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ ).
    اما المدخل الثاني فيكمن في القضاء على اللغة العربية، وصرف الاهتمام عنها، وعن فهمها، وذلك من خلال حركة في شكلها العام ثقافية ولكن في مغزاها تدميرية، حيث انتشر في الآونه الاخيرة الاهتمام بتعميم اللغات الأجنبية في مختلف مراحل التعليم، وهذا امر مطلوب ولكن ليس على حساب اللغة العربية لغة الاسلام، فالكل يعي ان المجتمعات الاسلامية تكمن مرجعيتها في تعاليم الشريعة السمحاء، وهو ما يستلزم التعمق في فهم اللغة لكي نفهم تلك المرجعية ، يقول تعالى في محكم التنزيل (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) كما قال تعالى ايضا (وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) ان تلك الآيات الكريمة تبين ان على المسلم التعمق في فهم اللغة العربية لكي يفهم مرجعيته وتعاليم دينه، ولكننا نعاني اليوم من هجمة شرسه على هذا النحو، حيث بدأ تشويه اللغة من خلال ابعاد الناس عنها، وتصويرها بأنها لغة جهل، سواء في مدارسنا او جامعاتنا او مجالسنا او أعمالنا، وحتى في اُسلوب حوارنا، فاليوم كما تقول أ.د. وسمية المنصور، استاذة اللغة العربية في جامعة الملك سعود بالرياض، بأنه دخل علينا ما يعرف اصطلاحا بمفهوم «العربيزي» وهو عبارة عن كتابة النص العربي باللغة الانجليزية، وتم بذلك تغيير حروف اللغة مثل حرف العين«ع»اصبح يأخذ الرمز «3» وحرف الطاء «ط» يأخذ الرمز «6» وهكذا، ان هذا الامر له ابعاد خطيرة على اللغة واستخداماتها ، فعندما نبتعد عن اللغة العربية فالنتيجة الحتمية ستكون الابتعاد عن هويتنا وديننا. فبذلك يتم فصل الفرد عن دينه ومن ثم فصل الدولة كلها عن الدين.
    ويجب علينا في هذا السياق، أن نشير الى ان الحضارات والمجتمعات القديمة والحديثة، يقاس نجاحها وتطورها كلها بإنجازاتها التنموية والتكنولوجية والعسكرية والثقافية والعلمية، إلا الحضاره الاسلاميه تقاس بمدى تمسكها بدينها لأن تمسكها بدينها يجعلها تتميز بكل الفنون والعلوم وتحقيق متطلبات التقدم والإزدهار والتاريخ خير دليل على ذلك.
    الشاهد من ذلك كله، أننا وبكل أسف أصبحنا ننجرف إلى تلك المداخل والأطروحات وننفذها دون وعي أو أدراك، مما سيؤدي في نهاية الأمر إلى علمنة المجتمعات الاسلامية، وفصل الأفراد عن مرجعيتهم، فبذلك تسود قيم الإستهلاك، والشهوة، والمادية، والأنا، وهي قيم علمانية بحته، إنه لواقع مؤلم جداً، وهذا ما يذكرني بقول سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه وأرضاه ‏‏(نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)
    ولكني في نفس الوقت أراهن على فشل ذلك المشروع مستنداً على سلامة فطرة المسلم، وكذلك قول الله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
    د.فيصل المناور
    رابط المقال

    الأحد، 28 ديسمبر 2014

    السلطة في الكويت.. عندما «تنجح..تحزن»!..«الأكثر قراءة هذا الأسبوع»

  • السلطة في الكويت.. عندما «تنجح..تحزن»!..«الأكثر قراءة هذا الأسبوع»
  • كتبت مقالا سابقا بعنوان «عجز الموانة الكويتية مش منطق أبداً»، تصديت فيها لأكذوبة أن الموازنة الكويتية ستواجه عجزاً خطيراً نتيجة تراجع أسعار النفط العالمية، وذلك من خلال طرح العديد من الأرقام والاحصائيات الصادرة من مختلف الجهات التابعة للسلطة، والتي تؤكد مدى قوة الملاءة المالية للدولة، وهذا ما تؤكده أيضاً مختلف التقارير الدولية، ففي تقرير وكالة «فيتش العالمية للتصنيف الائتماني» الأخير أكدت بأن تصنيف دولة الكويت الائتماني السيادي لعام 2014 قد حصل على مرتبة «A.A» مع نظرة مستقبلية مستقرة «وهو أعلى تصنيف تمنحه المؤسسة في تقيمها للوضع الائتماني لمختلف الدول»، حيث توقعت الوكالة بأن تستمر الفوائض المالية لدولة الكويت عند نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي لغاية عام 2016، حيث قدرت الوكالة سعر برميل النفط عند نقطة التوازي للموازنة العامة والحساب الجاري عند 48 دولار و 40 دولار للبرميل، وهذا ما تم تأكيده في مقالي السابق بأن لا خوف على الكويت حتى لو وصل سعر بيرميل النفط عند 35 دولارا. إن هذه التقارير والتأكيدات يجب أن تكون مفرحه للسلطة، وأن تعمل على تعزيزها وتتفاخر بها، ولكن واقع الحال يقول عكس ذلك، فمن الواضح أن السلطة تحزن عندما تنجز وتنجح في أي أمر.
    لقد انعكس حزن السلطة لتحقيقها إنجازا نسبيا استطاعت من خلاله المحافظة الموازنة العامة لدولة الكويت من أخطار العجز، في التضارب الكبير لمختلف تصريحات مسؤولي الدولة بهذا الشأن فمنهم من يهول ويضخم الأمر، ويصف بأن الوضع خطير «كالسكين وصلت العظم، وأن نفس السكين أيضاً طافت العظم»، وهناك أيضاً من يطمئن على استحياء بأن الكويت لن تتأثر من انخفاض أسعار النفط العالمية «أرسولكم على بر ذبحتونا». هذا التضارب الواضح يؤشر إلى أن هناك أزمة تعيشها السلطة اليوم في إدارة شؤون البلاد والعباد، نعم أزمة إدارة أدت إلى تراجع الكويت على جميع المستويات، فبعد أن كنا درة الخليج أصبحنا للأسف ماضي الخليج، فالأموال والإمكانيات متوفرة، والشباب الرائع كثر، ولكن ما ينقصنا القدرة على الإدارة، حتى وصل الأمر أن السلطة قد تعودت على الفشل، وأن يقال لها بشكل دائم يافاشلة، وأن مفهوم الإنجاز والنجاح أصبح خارج قاموسها، فعلاً إنه أمر محزن ومخجل.
    نعود لمربط الفرس تعيش السلطة كما أسلفنا أزمة إدراة. كيف ذلك؟ كلنا يعي أن الكويت مرت بما يربو عن عقد من الزمان حققت فيه العديد من الفوائض المالية الكبيرة، ولكن للأسف هذه الفوائض لم يتم استغلالها وإدراتها بشكل يدفع بالجهود التنموية نحو التحقيق، ولك أن تعرف عزيزي القارئ بأن الكويت تعد أقل دول مجلس التعاون الخليجي إنفاقاً على المشاريع العامة، بالرغم من أنها أكثر الدول تحقيقاً للفوائض المالية، ولك أن تعلم أمر غاية في الأهمية أن تلك الفوائض المالية ماهي إلا دليل فشل الدولة على إنجاز المشروعات، لأن إنجاز المشروعات مقترن بتمويلها والصرف على تنفيذها، ففي حال عدم أو ضعف الإنجاز تتراكم الفوائض، فكلنا يعي أن آخر مستشفى حكومي متكامل تم إنشاؤه قبل أكثر من 25 عاما، وليس لدينا إلا جامعة حكومية واحده، وهناك أزمة سكن، وبنية تحتية مترهلة.
    ولك أيضاً عزيزي القارئ أن تعرف بأن المواطن الكويتي لم تتحسن حالته المعيشية، هناك أكثر من 31 ألف أسرة كويتية من ذوي الدخل المحدود، وأنها تعتمد على المساعدات والدعم الحكومي، وأن هذه الشريحة في إزدياد، والذي لو تقلص أو انخفض «الدعم» الموجه إلها سيحولها من شريحة ذوي الدخل المحدود إلى شريحة الفقراء، وهناك أيضاً أكثر من 316 ألف مواطن يعاني من الديون لصالح المؤسسات المالية، مما أثقل كاهله وقدرته على الإستهلاك، ولك أن تعرف بحسب آخر التقرير أن القدرة الإنفاقية للمواطن الكويتي قد انخفضت بنسبة 8% بالرغم من الفوائض المتحققه، صحيح أن السلطة تدعم الأسر بمبلغ 150 دينار كبدل إيجار، ولكن السؤال المطرح ما هو متوسط أسعار إستئجار المسكن؟ أعتقد أنه وصل إلى 400 دينار كويتي في المتوسط. أضف إلى ذلك أن الدولة يكلفها الطالب نحو 4500 دينار كويتي في مختلف مراحل التعليم الأساسي الحكومي سنوياً، وبالرغم من هذا الانفاق الكبير نسبياً إلا أن جودة ومستوى التعليم منخفضة، مما دفع الكثير من الأسر إلى إلحاق أبنائها بمدارس القطاع الخاص وتكبدها التزامات مالية أخرى رغبة منهم في تحصيل علمي أفضل للأبناء، علماً بأن هناك اليوم نحو 100 ألف طالب كويتي ملتحقين بالمدارس الخاصة، وهذا الأمر أيضاً ينطبق على القطاع الصحي وغيره من القطاعات.
    خلاصة القول إننا في الكويت نعيش أزمة إدارة بالرغم من توافر الأموال والإمكانيات والشباب المؤهل، نعم سلطة غير قادرة على تنفيذ التزاماتها، غير قادرة على التطوير، والإنجاز، سياسات متعثرة، ومشروعات متعطلة، إن تلك الأمور أدت إلى تراجع الكويت، فلذلك نقول للسلطة إن الشرعية كما تدرس وتفسر هي «رضا الشعب عن من يدير شؤونه»، وأن هذا الرضا مرتبط بشكل جلي بالإنجاز، فلذلك أنجزوا يرحمكم الله.
    ولكن كما يقال:
    لقد أسمعت لو ناديت حياً
    ولكن لا حياة لمن تنادي!
    د.فيصل المناور
    رابط المقال