الخميس، 22 أغسطس 2013

كذبة الإستقرار العربي... العلة والأدلة


كذبة الإستقرار العربي... العلة والأدلة


سنوات عديدة مرت على النظم السياسية في البلدان العربية روجت فيها كذبة تناقلتها الأجيال كان عنوانها العريض "أننا نعيش في منظومة مستقرة سياسياً"، وأن تلك النظم بقواعدها وإجراءاتها وسياساتها هي صمام الأمان لذلك الإستقرار، وهو في واقع الأمر إستقرار الكاذب.

ولو أمعنا النظر قليلاً لإكتشفنا الدعائم التي يقوم عليها ذلك الإسقرار "الكاذب"، فنجد أن النظم السياسية العربية كرست جل جهودها لتحقيق مجموعة من الإجراءات لكي تشغل الشعوب بنفسها وتتفرغ لجني المغانم أو المكاسب على حساب تلك الشعوب المغيبة، ومن تلك الإجراءات أو السياسات إن شئنا القول التي إستخدمت من أجل تحقيق ذلك "وعود الإصلاح التي تشتري الوقت بينما بقاء الشعب في حالة بحث عن لقمة العيش؛ وكذلك الحقوق هِبةٌ من الحاكم، التي هي ليست حقّاً أصيلاًللمواطن(من وجه نظرهم)، ولا ننسى الامتيازات الناتجة عن الولاء السياسي وسحب هذه الامتيازات تبقي المحيطينوالشعب في حالة ترقب وقلق، بالاضافه إلى غياب الثقة بين الطوائف والجماعات والفئات فهي وسيلة لتحقيق الحكم المستقر، وخلق المجتمع الفاقد للثقة بنفسه وبمكوناته هو المجتمع المهيأ للخضوع".

أليست تلك هي القواعد التي أرستها نظمنا العربية لتحقيق إستقرار يضمن إستمرارها وإستمرار مكاسبها؟!

وبالنظر لمعنى مفهوم الإستقرار السياسي نجد أنه يعني بكل بساطة "غياب أو إنعدام التغيير الجذري أو الأساسي في النظام السياسي، وغياب أعمال العنف الجماهيري أو الطائفي، وكذلك غياب الحروب والاستعمار والهيمنة والخضوع بين الدول".

هذا الاستقرار السياسي هو الذي يهيئ لتحقيق النمو الاقتصادي بمعدلات عالية، ويفتح المجال أمام فرص الإستثمار، وهو نتاج لإيمان المجتمعات التي تنعم بالديقراطية التي أصبحت إرثاً إنسانياً تقوم على التعديدة السياسية وتداول السلطة سلمياً من ثنايا إنتخابات حرة نزيهة، وإيمانها كذلك بحريات وحقوق الأفراد. إنها تلك المجتمعات التي لا تميل للثورات والانقلابات العسكرية والاضطربات وأعمال العنف والحروب، ولديها تشريعات قانونية مستقرة.


فهل هذا المعنى للإستقرار ينطبق على الأنظمة السياسية في البلدان العربية؟

إن أهم دعائم الاستقرار السياسي السليمة في أي بلد ما (وهي بالطبع مفقودة في بلداننا العربية) أن يكون هناك إستقراراً حكومياً؛ يعني أن تكتمل المدة القانونية لتشكيل الحكومات والتي في العادة تكون ما بين (4 إلى 5 سنوات)، وأن لا تحل البرلمانات قبل اكتمال مدتها الدستورية أو يتم تعطيلها، إلى جانب حدوث أعمال عنف سياسي من اضطرابات وأعمال شغب واغتيالات، أو حدوث انقلابات عسكرية وحركات انفصالية أو اشتعال الحروب الأهلية، وما يؤديه ذلك كله إلى عدم الاستقرار السياسي المفضي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي حيث تعرقل جهود التنمية وتغلق آفاق وفرص الاستثمار، هذا بالإضافة إلى إعطاء الشعوب الفرصة ليقرروا من سيحكمهم وعلى أي مبادئ (تداول السلطة). وليراقبوا وينتقدوا ويحاسبوا السلطات، وليعبروا عن آرائهم من خلال صحافة حرة، وليقرروا الانضمام لمختلف الأحزاب السياسية، بما في ذلك فرص السجال السياسي والمعارضة والنقد وحرية المشاركة السياسية.

لقد كان الهدف مما سبق، أن نبين المعني الحقيقي للإستقرار السياسي ونوضح كذبة الاستقرار التي كانت ولا تزال تتبنها الأنظمة السياسية العربية وتروجها وتزرعها في عقل ووجدان شعوبها. تلك الكذبة (الإستقرار) التي تدعيها الأنظمة السياسية في البلدان العربية مردود عليها بالأدلة والبرهان والأرقام.

فنجد على سبيل المثال في دول الربيع العربي في مرحلة ما قبل الثورات أن معدلات البطالة وخصوصاً فيما بين الشباب بلغت معدلات مرتفعة بل وكارثية أيضاً ففي مصر بلغ معدل البطالة ما نسبته 40%، وبلغت النسبة في تونس نحو 30%، وفي ليبيا 26%، وفي اليمن 17%، وفي سوريا 12% (وذلك بحسب قاعدة بيانات البنك الدولي).

هذا بالإضافة إلى عامل البطالة إرتفاعت معدلات الفقر وزاد إنتشاره بين شعوب تلك البلدان، ففي مصر بلغ معدل الفقر ما نسبته22%؛ أي أن هناك حوالي 17 مليون مواطن مصري يعيشون تحت خط الفقر في مصر وحدها، وبلغت النسبة في تونس 25%، أما في اليمن فبلغت معدل كارثي حيث تجاوزت النسبة 46%، أضف إلى ذلك الشواهد المؤكدة على تدني نوعية الخدمات التعليمية والصحية العامة التي تقدّم مجاناً للفقراء، مقارنةً بنظيرتها التي تقدّم بأسعار مرتفعة في مؤسسات التعليم والرعاية الصحية الخاصة، وهو ما أدى إلى انتشار ظاهرة "توريث" أو "إعادة إنتاج" الفقر في دول الربيع العربي، وأضعف كثيراً من تأثير الاستثمار في رأس المال البشري.

كما أن الفساد السياسي والإداري وغياب المساءلة في تلك الدول خلال العقود الماضية كان أحد أهم سمات الأنظمة في البلدان العربية، والواقع أن الدلائل على الفساد السياسي والإداري في الدول العربية كثيرة ومتعددة، ويكفي في هذا الصدد الإشارة إلى أن كل من سوريا وليبيا واليمن كانت مصنّفة ضمن أسوأ 20 دولة من دول العالم في مكافحة الفساد، وأن كل دول الربيع العربي دون استثناء كانت ضمن هذه المجموعة بالنسبة لمؤشر "حرية التعبير والمساءلة" عام 2010م. ففي ظل هذه الأنظمة الفاسدة، يصعب القيام بأي عملية تنموية تنقل الشعوب من حظيرة التخلف إلى عالم التقدم والإزدهار.

فهل تستطيع تلك الدول بتبني مشروع تنموي في ظل سيطرة بعض النماذج الفاسدة كأسرة الطرابلسي في تونس، وأحمد عز في مصر، ورامي مخلوف في سوريا، إنها مجرد عينه لنماذج فاسدة منتشرة في الأنظمة السياسية العربية ؟!

إن ما تم ذكره أعلاه مجرد أمثلة بسيطة جداً لسياسات تتبنها تلك الأنظمة لتحقيق إستقرار كاذب توهم بها شعوبها، وما هي إلا سياسات لأنظمة دكتاتورية مستبدة تسعى للإستمرار وتسخدم فيها مجموعة من الأدوات المذلة للشعوب كالسجن والقمع والإهانة والسحل والقتل أيضاً كدعائم للإستقرار الكذاب.

وأخيراً، إن ما تم تداولة في هذه المقاله ما هو إلا قطرة في بحر تخلف تلك الأنظمة السياسية، وأنها لم تستطيع المحافظة على الإستقرار السياسي الحقيقي لدولها، وأنها أنظمة فشلت في تحقيق انجازات تنموية حقيقة لشعوبها، التي عانت من الظلم والاستبداد والتخلف، فكانت المحصلة أن شعوب تلك الدول قد انتفضت من أجل تغيير هذا الواقع المؤلم التي كانت تعيشة لسنوات وصفت بالجحاف، كان عنونها الذل والمهان والطعيان.

وسنوضح في المقال القادم إن كان للعمر بقية، قصة الردة العفنة على ثورات الربيع العربي ومحاولات كسر إرادة الشعوب، فإلى لقاء قريب إن شاء الله.

"عاشت كذبة الاستقرار العربي حره أبيه"


بقلم: د.فيصل المناور

(نشرت عبر جريدة حياد الالكترونية 22 أغسطس 2013)


مقالات الرأي:

مقالات الرأي:


دع الحمقى يتجادلون (جريدة الحقيقة الالكترونية)
http://www.alhakea.com/home/index.php?news=7839

كذبة الإستقرار العربي ... العلة والأدلة (جريدة حياد الالكترونية)
http://www.7eyad.com/ArticleDetail.aspx?id=4348382#.UhaihD__R-Q

الافصاح وتداول المعلومات ... حق لكل مواطن(جريدة الحقيقة الالكترونية)
http://www.alhakea.com/home/index.php?news=7553

التنمية المفقودة في بلد يدعي التنمية (جريدة الحقيقة الالكترونية)
http://www.alhakea.com/home/index.php?news=11216

ماذا يعني مفهوم التنمية؟ (جريدة الحقيقة الالكترونية)
http://www.alhakea.com/home/index.php?news=17862

مشاركات مصورة:

مشاركات مصورة:


الملتقى الفكري في ديوانية البلهان (ما بعد حكم المحكمة الدستورية)
http://www.youtube.com/watch?v=esxQUsjqwTA

برنامج ريتويت على قناة الراي (د.فيصل المناور vs  د.ميثم حسين)
http://www.youtube.com/watch?v=JC3yhl5R3vk

مقطع من برنامج مواجهة قناة الوطن حلقة مايو 2013 (د.فيصل المناور + جمال النصافي) vs (خليل الصالح + سامي النصف)
http://www.youtube.com/watch?v=1wfykX_xDP0

برنامج الكلام الحر قناة اليوم (د.فيصل المناور+ ناصر المطيري)
http://www.youtube.com/watch?v=-WSWOznk6D0

مقطع من برنامج وجهاً لوجه قناة الشاهد
http://www.youtube.com/watch?v=M7UyPGnSqts

الحلقة الكاملة لبرنامج وجهاً لوجه قناة الشاهد (د.فيصل المناور+م. عبدالله خسره)
http://www.youtube.com/watch?v=hdmMU50GN9E

برنامج مواجهة قناة الوطن حلقة مايو 2013  كاملة (د.فيصل المناور + جمال النصافي) vs (خليل الصالح + سامي النصف)
http://www.youtube.com/watch?v=-NtOvdOpBEc

برنامج مواجهة قناة الوطن حلقة ديسمبر2012  كاملة (د.فيصل المناور + فهيد الهيلم) vs (هشام البغلي + سامي النصف)
http://www.youtube.com/watch?v=MOcNPN2MHtU

مقطع من برنامج مواجهة قناة الوطن حلقة ديسمبر2012 
http://www.youtube.com/watch?v=c8L2QD6Ve9U

الاثنين، 16 يوليو 2012

مشروع نهضة الكويت

مشروع نهضة الكويت




تمر الكويت في الوقت الراهن بمرحلة تختلف بكل أحداثها ومعطياتها عن أي مرحلة سبقتها، فالأحداث والتطورات المتسارعة أفرزت تعاملات لم يعتد عليها المواطن الكويتي، فنذكر من تلك التعاملات: فساد المؤسسات، وانتهاك كرامات الشعب، وضرب نسيج ووحدة المجتمع، والفشل في إدارة شئون الدولة والمجتمع، والصراع السياسي الذي لا ينتهي.

لقد أدت هذه التعاملات إلى مهازل وكوارث من المفترض أن لا تحدث في بلد يعد من أغنى دول العالم، ومن هذه المهازل غرامة الداو، وكارثة الخطوط الجوية الكويتية، وتشكيلات حكومية غير مستقرة، وحل مجلس الأمة لخمس مرات في آخر عشر سنوات، وتغليب رغبات القله على رغبات الشعب، وتأخر تنفيذ خطط وسياسات التنمية، ومستوى تعليمي متخلف، ومستوى الخدمات الصحية في أدنى مستوياته، ومجتمع استهلاكي غير منتج، واحباط عام، وغيرها وغيرها من أمور تقشعر لها الأبدان.

أننا في الكويت نواجه تحديات عديدة وكبرى يجب الوقوف، عليها وذلك من خلال الخروج بمشروع وطني يحظى بالحد الأدنى من القبول على الأقل من قبل أطياف المجتمع ويحقق طموحات النهضة التي ينشدها الجميع.

أننا في الكويت وفي الفترة الأخيرة نركز على القضايا التافه والمنحطة في نظري ولا نلتفت إلى القضايا الكبرى والتي من بينها: كيف نحقق التنمية المنشودة؟ وما هي الأدوات الفعالة التي يحب استخدامها لتحقيق ذلك؟ وما هي الطرق المثلى لكي نكون جهاز إداري فعال؟ كيف ننقذ اقتصادنا المتردي؟ كيف يكون لدينا ديمقراطية حقيقية؟

إن مشروع نهضة الكويت ليس بتعديل الدوائر، أو تحديد الصلاحيات، أو اسقاط قروض، أو دواوين إثنين، أو عناد وتسلط في الآراء، وإنما في صناعة ثورة شاملة تقتلع كل منابع التخلف والتردي التي نعيشها.

أن عملية انقاذ الكويت يجب أن تنطلق في رأي الشخصي من خلال خمس نقاط محورية، وهي:

 اتاحة الفرصة للناس ليقرروا من سيحكمهم (مجلس وزراء منتخب) وعلى أي مبدأ وليراقبوا وينتقدوا السلطات دون خوف وليعبروا عن آرائهم من خلال صحافة حره تقبل الجميع وليقرروا الانضمام لمختلف الأحزاب السياسية وتوسيع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات.

 توفير نوع من التسهيلات الاقتصادية التي تتيح للأفراد استغلال الموارد الاقتصادية لأغراض الاستهلاك والانتاج والتبادل، ومحاربة الاحتكار والتنفيع.

 توفير الفرص الاجتماعية في المجالات التي تؤثر على في الحريات الحقيقية المتاحة للأفراد ليعيشوا حياة طيبة، كالتعليم الجيد والمتاح للجميع وتحقيق مستوى جيد للخدمات الصحية وغيرها. ولا تقتصر أهمية مثل هذه الخدمات للحياة الخاصة للأفراد فحسب، وإنما تمتد لتؤثر على تفعيل مشاركتهم في النشاطات الاقتصادية والاجتماعية.

 توفير ضمانات الشفافية والتي تعزز الثقة في التعامل بين الناس والحاكم والمحكوم في اطار المجتمع. وهو أمر يتعلق بالحرية في التعامل بين الأفراد على أساس ضمان الافصاح والنزاهة والسلاسة، وتلعب هذه الضمانات دوراً واضحاً في الحد من الممارسات الفاسدة وعدم المسؤولية المالية والتعامل بنوايا مبطنة وغير معلنة.

 توفير شبكات حماية اجتماعية للحيلولة دون وقوع الشرائح الضعيفة في شباك الحاجة والعوز ومن ثم الفقر.

إن الناظر لتاريخ الأمم السابقة في تجارب الدول التي خطت خطوات كبيرة نحو التقدم والازدهار يجد أن النهضة والاصلاح الحقيقيين لكل ما نعانيه من مشكلات في جميع المجالات والفساد الذي عم واستشرى في الكثير من مؤسسات وهيئات الدولة وتأخرنا في جميع المجالات.. لن يتحقق على يد شخص بمفرده أو تيار واحد أو فئة معينة، ولكنه يحتاج إلى مشاركة الجميع من أبناء هذا الوطن المخلص بصرف النظر عن انتماءاتهم الفكرية والطائفية والسياسية.

وبالرغم من أن طريق الإصلاح طويل وشاق والتحديات كبيرة وصعبة إلا أنه لا يأس مع الحياة وحقائق اليوم أحلام الأمس وأحلام اليوم حقائق الغد والضعيف لا يظل ضعيفاً طوال حياته والقوي لا تدوم قوته... وإن أشد ساعات الليل ظلمة هي التي تسبق طلوع الفجر فاستبشروا فلقد لاح في الأفق شعاع النور وغداً سيشرق فجر جديد بإذنه تعالى.

وبعد، هذه رؤيتي لمشروع نهضة الكويت. نوصي الجميع حكاماً ومحكومين العودة للرشد والابتعاد عن الصراع والعودة للعمل من اجل بلدنا الصغير في حجمه الكبير بمواردة.

وسأعرض عليكم بعض المؤشرات التي تدل على اننا في تدهور وتراجع:



أولا: مؤشر التنمية البشرية:

2010           الترتيب العالمي31                          الترتيب الخليجي 1                   الترتيب العربي 1

2011          الترتيب العالمي  47                         الترتيب الخليجي  3                  الترتيب العربي 3

2012          الترتيب العالمي  63                        الترتيب الخليجي 5                   الترتيب العربي 5






ثانياً: مؤشر مدركات الفساد:
2011                    الترتيب العالمي54                       الترتيب الخليجي 6                           الترتيب العربي 6

2012                    الترتيب العالمي63                        الترتيب الخليجي6                           الترتيب العربي 9



ثالثاً: مؤشرات أخرى:


تمكين التجارة               الترتيب العالمي 65                      الترتيب الخليجي 6                              الترتيب العربي 8

تطور الحكومة الالكترونية       الترتيب العالمي50               الترتيب الخليجي   3                            الترتيب العربي 3

التنافسية العالمية                    الترتيب العالمي35                الترتيب الخليجي5                                الترتيب العربي 6



تحياتي
 
فيصل المناور
 


الخميس، 16 ديسمبر 2010

رسالة إلى وطني

رسالة إلى وطني الحبيب الكويت

إلى: بلدي الحبيب الكويت.

من : مواطن مغترب مغرم بحب الكويت.

الموضوع: تغير الحال من حال إلى حال.

بالإشارة للموضع أعلاه، وأنا في غربتي كنت اتفاخر في أعرق الجامعات العربية وفي مدرسة العلوم السياسية العربية الأولى (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية) بمستوى الحريات والقدرة على التعبير من غير خوف وبحرية كاملة يحسدنا عليها القريب قبل البعيد، كنت أتكلم وأطرح الآراء بصورة يستغربها زملائي، كنت أقدم العروض البحثية وأنا آتفاخر بالممارسات الديمقراطية التي جبل عليها المواطن الكويتي، واليوم اجد نفسي مذهولا ومتألما لم حدث في ذلك الوطني الحبيب،  أدخل الكلية وأنا خافضاً رأسي من جراء هذه الأحداث وكأن كل من فيها ينظر إلي وأجد في نظراته الإستهزاء والسخرية وتساؤلات عن مصداقية ما كنت أطرحه عن هذا الوطن، فلا أحد يصدق مستوى الحريات والتقدم الذي نعيشة في الكويت قبل تلك الأحداث، كنت اتناقش مع أساتذتي من خلال مؤشرات دولية وأحرجهم بها وأثبت حجتي عليهم، ولكن اليوم كل هذا ذهب فماذا أقول الآن؟ هل أقول كنت ابالغ؟ هل أقول كنت في حلم؟ أم أقول تغير الحال من حال إلى حال؟

هل كرامات الناس عندما تنتهك تبرر بأوامر عليا؟ أي كرامة حرة تقبل ذلك؟ فعندما رأيت أستاذ جامعي متميز بعلمه يضرب بهذه الطريقة البشعه تساءلت غدا عندما أحصل على درجة الدكتوراة واطرح فكرة أو ممارسة خاطئة هل سأضرب؟ فما فائدة العلم الذي تعلمته اذا لم أستطيع ان أصلح خلل أو إنحراف.

وطني الحبيب الكويتي لا أجد إلا أن أواسيك وأقول إن بعد الكرب لفرج فلا تحزن سنعود كما كان الحال فالطبع غلاب وما هي إلا سحابه وستنجلي. ربي احفظ هذا البلد بما تحفظ به عبادك الصالحين اللهم آمين.



إبن الكويت

فيصــل المنـــــــــــــاور

القاهرة 16/12/2010م

الجمعة، 20 أغسطس 2010

تحليل مقولة: دع الحمقى يتجادلون حول أفضل أنواع الحكومات أفضلها قاطبة أفضلها إدارة

"دع الحمقى يتجادلون حول أفضل انواع الحكومات أفضلها قاطبة أفضلها إدارة"


تلعب الإدارة بمختلف تخصصاتها وأشكالها دوراً هاماً وأساسياً في شؤون حياتنا، وتعتبر وسيلة المجتمعات البشرية لتقرير أمورها وتصريف شؤونها وتحقيق أهدافها التي تطمح في الوصول إليها.

فحركة المجتمعات البشرية إيجابية كانت أم سلبية ومراحل تطورها تعتمد بالمقام الأول على النهج الإداري المطبق فيها، فأما ازدهار ورقي وتقدم كنتاج طبيعي لنهج إداري سليم أو تخلف وتقهقر وتفاقم مشاكل كنتيجة لتخبط وعشوائية النهج الإداري، لذا من الصعب تصور دوران عجلة الإدارة في غير إتجاهها الصحيح أو تسلم زمام أمرها من قبل من لا يفقة في شؤونها لأن معنى ذلك الفوضى والفشل وضياع كثير من الحقوق.

لقد كان شائعاً وما زال الأمر حتى يومنا هذا حديث الناس عن عالم متقدم وآخر متخلف وينسبون ذلك بالدرجة الأولى إلى العوامل والإعتبارات الإقتصادية والعوز والفقر متجاهلين أو متناسين بأن ما تشكو منه أغلب المجتمعات والدول في حقيقة الأمر إنما يعود لنكسة الأنظمة والأساليب الإدارية، ففي ظل هذا المفهوم لا يمكن أن توصف بعض الدولة بأنها متقدمة أو متخلفة اقتصادياً بقدر أن هناك دولاً متقدمة أو متخلفة إدارياً.

لقد أصبحت الإدارة اليوم من أعظم الموارد المتاحة لكثير من الدول النامية ومن أهم إحتياجات الدول المتخلفة كما أنها تمثل أحد أهم أساسيات ومقومات نجاح الدول المتقدمة، وليس هناك أدنى شك في أن نوعية الحياة ومستوى المعيشة في مجتمعات اليوم يعتمد على نوعية ومستوى الإدارة فيها. أن دور الإدارة يتعدى مسؤوليتها في تسيير وإدارة الأنشطة الصناعية أو التجارية أو الإنتاجية والخدمات العامة التي يقدمها المجتمع لأفرادة إلى مسؤوليتها الضخمة عن إحداث التنمية الشاملة في المجتمع " فالإدارة ليست نتاج للتنمية الإجتماعية والإقتصادية، لكنها محدثة لهذه التنمية".

في إطار هذا الوضع تغدو الحاجة لتوفير الأسلوب أو النهج الإداري السليم في غاية الإلحاح والطموح وأثمن المطالبات التي تصبو لها مجتمعات اليوم وتسعى لتحقيقها لا بل تميز بعضها عن بعض وتصنيفها أما مجتمعات متخلفة أو نامية أو متقدمة. ولعل في مفهوم الإدارة بمعناها العام والذي يعني "توفير نوع من التعاون والتنسيق بين الجهود البشرية المختلفة من أجل تحقيق هدف معين"، ويتبين لنا هنا أن محور العملية الإدارية هو "العنصر البشري" ومرتكزاتها هي إمكانات المجتمع من ثروات ومقدرات وخدمات وموارد أولية وطبيعية، إلى جانب القوى العاملة من الطاقات والعقول البشرية وهذه الحقيقة هي التي تضفي على الإدارة طابعاً خاصاً بإعتبارها عملية إجتماعية وإنسانية من جهة وإقتصادية وسياسية من جهة أخرى.

لقد أظهرت العديد من التجارب أن السياسات الجيدة والأفكار النيرة يمكن أن تفشل بالإدارة السيئة وإن السياسات الضعيفة والأفكار المشوشة يمكن إنقاذها وتطويرها بإسنادها لعقول إدارية واعية، كما أن الشواهد أثبتت أن الوفرة المادية قد يفسدها التخبط الإداري وأن ندرة الموارد والإمكانات قد تجعل منها إدارة فاعلة لتوفير سبل المعيشة المريحة للشعب، وفي هذا الصدد يقول رئيس وزراء ماليزيا الأسبق " مهاتير محمد" : "لم نكن يوماً نحلم بإنتاج سيارات من صنعنا وعندما خططنا لذلك ضحك علينا كثيرون وتساءلوا كيف يمكن لماليزيا أن تنتج سيارات؟! ولكن اليوم نحن قادرون على إنتاج سيارات منافسة لأية صناعة أخرى في العالم ذلك لكوننا قادرون على إستثمار العنصر البشري، وتبني أساليب عمل صحيحة وبالتالي تحقيق الربح وهذا ما جعلنا ننجح بإدارة البلاد حتى غدت ماليزيا من أكثر الدول النامية تطوراً في العالم"... هذه العبارات وردت في خطاب رئيس وزراء ماليزيا الأسبق " مهاتير محمد" عام 1991م والذي وضح فيها السياسات والتوجهات والخطط المستقبلية لماليزيا سنة 2020م والتي تعرف بـ "Vision 2020" والسعي لجعل ماليزيا من الأمم المتطورة والمتقدمة في القرن القادم.

إن التجربة الماليزية – بالرغم من تعرضها لبعض المشاكل والصعوبات إثر الأزمة المالية التي عصفت بها في أواخر التسعينات من القرن الماضي- إلا أنها تعد بحق من أكثر تجارب الدول التي تستحق التفحص والدراسة فهذه الدولة الآسيوية المسلمة المحدودة الموارد والإمكانات إستطاعت خلال "40 عاماً" منذ تاريخ إستقلالها أن تصنع لنفسها مجداً إدارياً واقتصادياً أصبح مضرباً للأمثال، ففي إتباعها للإدارة السليمة إستطاعت أن تحول ندرة مواردها لوفرة وضيق إمكاناتها لبحبوحة واسعة وأن تتغلب على عدة مشاكل كانت تقف عثرة في طريقها فالبرغم من تباين تلك المشاكل من إجتماعية تتعلق بتنوع وإختلاف ثقافات العنصر البشري من سكانها واضطراب نمو اقتصادها، ومشاكل إسكانية، حيث ندرة الأراضي السكنية نتيجة إنتشار الغابات فيها وأخرى تعليمية وغير ذلك من المعوقات إستطاعات ماليزيا بالإدارة السليمة أن تحد من تفاقمها وإستفحالها لا بل وتضع الحلول الناجحة لكثير منها، وما حققتة على الصعيد الإقتصادي من حيث إرتفاع معدلات النمو الإقتصادي إذ بلغ مردود قيمة إجمالي البرامج الإستثمارية خلال الأربعة أشهر الأولى من عام 1992م ما مجموعة 9 مليارات رنجت، وخير دليل على نجاح الإدارة الماليزية هو إستقطابها للعديد من المستثمرين الراغبين باستثمار أموالهم فيها الأمر الذي إنعكس إيجابياً في زيادة فرص العمل المتاحة، هذا إلى جانب ما حققتة ماليزيا من زيادة في معدل الدخل القومي بحيث إحتلت ماليزيا في ذلك الوقت المرتبة الرابعة من بين الدول الآسيوية الأكثر نمواً وإزدهاراً على الصعيد الإقتصادي، في حين تعاني الكثير من دول العالم من مشاكل التضخم وندرة فرص العمل كل ذلك كانت نتاج الأسلوب الإداري السليم الذي إتبعتة الحكومة الماليزية، والأمر لا يقتصر على ماليزيا وحدها ففي تجربة الدول الشرق آسيوية وما يعرف "بالنمور السبع" خير شاهد على أن غياب الإدارة الصحيحة هي مشكلة كثير من دول العالم اليوم بدليل أن غالبية تلك الدول كانت تعاني من ضيق مواردها الطبيعية والإقتصادية إلا أنها استطاعت باتباع النهج الإداري السليم وبحسن توظيف مواردها البشرية والإستفادة من تجارب غيرها من الدول الصناعية الغربية ممن سبقها بالتقدم التكنولوجي والصناعي أن تثب وثبات تخطت بها كثيراً ما وصلت إليه الدول الغربية.

وخلاصة القول نؤكد أن نجاح أي دولة في إحداث تنمية شاملة ومستدامة يقاس بمعيار الأسلوب الإداري المتبع فيها، وإن كان لشكل الحكومة دوراً مؤثراً فيها ، ولكن الأساس في ذلك هو طرق ونظم الإدارة التي تطبقها فيها، وحتى لو كان شكل الحكومة سلطوياً أو ليبرالياً يمكن له أن ينجح أو يفشل في إدارة البلاد والذي يحدد ذلك هو الأسلوب الإداري، فالعبرة ليس بشكل الحكومة ولكن بأسلوب الإدارة.

السبت، 1 مايو 2010

احذروا الخصخصة

إحذروا من الخصخصة
بواسطة/ فيصـل حمد المناور


الحمدلله رب العرش الكريم والصلاة على الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم واما بعد. كما وعدناكم من قبل أنني سأكتب مقاله عن الخصصة تفند مشكلاتها وتداعياتها من خلال الرجوع إلى أهم علماء الإدارة لأن هذا المفهوم هو في الأساس مفهوم إداري يدخل فيما يعرف بالإدارة العامة الجديدة (والتي تعني إستخدمات أساليب إدارة الأعمال في الإدارة الحكومية).

أن أيديولوجية الخصخصة تعتمد على فكرة سيادة السوق، وفي ظل بروز ظاهرة العولمة فإن السوق هو المؤسسة الوحيدة المتصرفة والمقبولة (على الرغم من الإنتقادات الموجهة للخصخصة وما يشوبها من مشكلات إقتصادية وسياسية...، وقد أقر بذلك الكثيرون من أمثال بيتر دركر، ديفيد أوسبرون، تيد جابلر)، حيث تعد الخصخصة أداة إستراتيجية فعالة لتعزيز عولمة رأس المال وتحقيق أهدافها المتمثلة في زيادة المعدل المطلق للأرباح وتسريع عملية تراكم الفائض في أنحاء العالم، لذلك فقد تمت عملية الخصخصة بشكل مقصود من قبل النخبة في شركات الأعمال لدفع عملية تراكم رأس المال. وهكذا تبدو الخصخصة محركاً للعولمة على المستوى العالمي، لدرجة أن المؤسسات الدولية – كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي- قد ربطت مساعداتهما للدول بدعم القطاع الخاص وتبني سياسات الإصلاح الإقتصادي وإعادة الهيكلة.

تعمل الخصخصة كأداة إستراتيجية لتعزيزعولمة الرأس المال بعدة طرق، من بينها الآتي:

1- توسيع قطاع شركات الأعمال على حساب القطاع العام والمؤسسات العامة، مما يؤدي لضياع الممتلكات والتعرض لمخاطر الإفلاس والتلاعب، فحينما يتم خصخصة مؤسسة ما فذلك يعني أنها خرجت من سيطرة الحكومة وأصبحت سلعة للتداول في السوق العالمي، فالعولمة بذلك تأخذ مجال النشاط الحكومي وتحولة إلى ملك حصري لرأسمالي " شركات العولمة"، مما يفسح المجال للسوق لتحقيق المعدل المطلق لتراكم الفائض على المستوى العالمي، وهكذا تضيع الممتلكات العامة في ظل الخصخصة مما يعرض الدول والحكومات لمخاطر تلاعب ومفاسد شركات العولمة.

2- انكماش مجال النشاط العام مما يؤدي إلى تقويض الثقة وتآكل الشرعية السياسية. وتقود الخصخصة إلى تقليص مجال النشاط العام وفي المقابل يتسع مجال النشاط للمؤسسات الكبرى وشركات الأعمال مما يسهم بدورة في عولمة رأس المال، ويؤدي انكماش مجال النشاط العام إلى تقويض ثقة المواطنين في مؤسسات الحكم وتآكل الشرعية السياسية نظراً لإنحسار فرص سماع مظالمهم وشكاواهم.

3- زحف الدولة الشرطية/ البوليسية وتراجع دولة الرفاهية، فالخصخصة تتطلب دولة بوليسية قوية للمحافظة على القانون والإستقرار والنظام والضبط الإجتماعي من أجل توفير البنية الآمنة والملائمة لتسهيل عملية تراكم الفائض وتعزيز عولمة رأس المال على المستويين المحالي والعالمي، وذلك على سبيل المثال من خلال إصدار التشريعات التي تكفل حرية التجارة أو تبني القوانين التي توسع الدور القمعي للدولة بشكل يقيد من حرية المواطنين.

4- تعميق التبعية السياسية والإقتصادية كنتاج للإستعمار الجديد من قبل الشركات وخاصة بما يسمى بـ "شركات العولمة" (نشوء ثقافة الإستجداء والإعتماد على الغير). وتعد فكرة التبعية – سواء السياسية أو الإقتصادية- هي إبتكار فكري جديد لرأسمال شركات العولمة كنتاج للسياسة الإستعمارية الجديدة التي تمارسها، فالنخبة هي شركات العولمة التي تحاول بناء إمبراطورية عالمية إستعمارية جديدة تحت مضلة النظام العالمي الجديد.

5- تأسيس شبكة جديدة من النخب السياسية والحاكمة – وتأتي من قطاع الأعمال- وتعمل كوكلاء لرأسمال الشركات، من خلال إجازة قوانين وتشريعات لصالح عمليات الخصخصة والعولمة إضافة إلى تحقيق أهداف هذه الشراكات وخدمة مصالح التراكم السريع لرأس المال.

6- تعزيز أيدولوجية الثقافة الفردية وتحقيق المصالح الذاتية والتوجه نحو الإستهلاكية. وهناك تأثير نفسي للخصخصة بتغلغلها بعمق في أرواح الجماهير عن طريق وسائل الإعلام والسياسات الحكومية، على إعتبار أن رأسمالية الشركات هي النظام الوحيد القابل للتطبيق ولا بديل عنه.

7- تخفيض الأجور والمزايا وتكوين حشود من احتياطي العمالية الصناعية (الطبيعة المؤقتة للتوظيف). وتؤدي الخصخصة إلى تسريح العمالة والموظفين على مستوى العالم وإلغاء مزاياهم لكي يكونوا عمال أو موظفين مؤقتين للمؤسسة العامة التي تم خصخصتها بأجور زهيدة، فضلاً عن إمكانية إستغلالهم من خلال التهديد المستمر بالبطالة مما يدفعهم إلى محاولة إرضاء المالك الجديد حتى لو كان على حساب أنفسهم دون أي إعتبار للجانب الإنساني.

8- التخلي عن المسئولية الإجتماعية تجاه الدولة والعمال. وتدفع الخصخصة غالبية سكان العالم إلى سباق نحو قاع أسوأ بكثير من نظم سخرة بها القرون الوسطى في أوروبا، والتي كان الإقطاعيون فيها ملتزمين بتوفير المأوى والغذاء لعبيدهم، في حين أنه في ظل تيار الخصخصة فإن مؤسسات العولمة قد نفضت أيديها ورفضت توفير الإحتياجات الأساسية للعمل والموظفين من الطبقى الوسطى، وتتمثل النتيجة في زيادة أسرعة لمعدل تراكم الفائض.

9- مع الخصخصة تزداد فرص الفساد والمحسوبية وصراع المصالح والإخلال بالمسئولية تجاه المواطنين، فالمؤسسات التي تمت خصخصتها غير مسئولة أمام المواطنين بينما الحكومة مسئولة، فتصبح بالتدريج نظم المساءلة معدومة، مما يدفع في النهاية لسحق الطبقة الوسطى ويصنف المجتمع بذلك لطبيقتين إما طبقة غنية وإما طبقة فقيرة.

10- ففي ظل الخصخصة سينكمش القطاع العام ويتمدد قطاع الأعمل، وسيحل بذلك الإحتكار الخاص- الذي تتحم فيه أقلية تسيطر على الدولة- محل الإحتكار العام، وذلك على الرغم من أن الخصخصة قد ارتبطت بإنتشار العديد من المزاعم من قبل سيادة السوق، وعدم كفاءة الحكومة، وقصور قدرات مهارات الإدارة العامة في خدمة الجمهور، الأمر الذي أثر سلباً على مكانة الموظف العام وعلى جاذبية الوظيفة العامة.

إن كل هذه الأمور والمثالب التي تعاني منها أيدولوجية الخصخصة تجعل منها خطراً حقيقياً على مكانة الدولة، فالقوانين التي توضع لحماية الدولة من الأثار السلبية للخصخصة من الممكن أن تكون كفاءتها جيدة على المدى القصير، ولكن على المدى البعيد وبعد تميكن القطاع الخاص سيختلف الأمر لأن النفوذ والسيطرة ستكون في كفته أو لصالحة، فمن الممكن أن يكون لتك الشركات نواب يمثلونهم ووزراء أيضاً، والأبعد من ذلك أنه من الممكن أن ينقلب أو يتحول ولآء الموظفين والعاملين في هذه الشركات من الولآء والإنتماء للوطن إلى الشركة، وهذه جميعها إرهاصات أو مؤشرات لخطورة هذا الوضع، ولا تستطيع الحكومة على المدى البعيد الوقوف في وجه هذا التيار الذي يمتلك الإقتصاد والنفوذ السياسي الكبير فيتحول بذلك ميزان القوة من الحكومة إلى ملاك هذه الشركات المسيطرة، أما بالنسبة للكويت فتتوارد في ذهني بضعة تساؤلات:

1- هل يوجد في الكويت قطاع خاص يتحمل مسئولياته في ظل تطبيق الخصخصة؟

2- هل المجتمع الكويتي لديه تقبل لفكرة الخصخصة في ظل عدم تهيئة المجتمع لذلك؟

3- هل لدى البيئة التشريعية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية القدرة على تطبيق هذا التوجه في ظل الواقع القائم على مستوى البيئة المحيطة؟

أما بالنسبة للضمانات التي وضعتها الحكومة من خلال القوانين فأعتقد أنها من الممكن

أن تكون فعالة على المدى القصير أما على المدى البعيد فأشك في ذلك، فعندما خصصت الحكومة أسهم للمواطنين في تلك المشروعات فهي في نظري بيع غير مباشر للمؤسسات، فمن المعرف أن المواطن الكويتي مستهلك في طبيعته فهذا التخصيص للأسهم عند توزيعة على الموطنين سيكون صغير في عدد الأسهم، فعند أرتفاع أسعار الأسهم سيقوم المواطن ببيعة، فتكون هنا فرصة للقطاع الخص بتجميع أكبر عدد من الأسهم لرفع حصتها في تلك الشركات، وأما بالنسبة للسهم الذهبي فأعتقد أنه سيتلاشي عند تمكين القطاع الخاص وظهور النخبه السياسية الجديدة التي ستسعى لتغيير التشريع بما يناسب مصالحها الذاتية التي بالطبع ستفضل على المصلحه العامة.

لنحذر بيع الكويت بداعي التطور، فالكويت ليست للبيع

وهذه رؤيتي

فيصل حمد المناور