الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

الكويت.. والفرص الضائعة

يقال في عالم كرة القدم بأن الكرة أهداف، وأن لا فوز لمن يهدر الفرص ولا يستغلها، وكذلك حال الدول، حيث تعد عملية استغلال الفرص وتوظيفها بشكل صحيح من اهم محددات التطور والتقدم، لان الفرص لا تحدث كثيرا خصوصا في بيئة عالمية ابرز سماتها الصراع والدمار. وفي هذا المقال سنبرز أهمية قطاع المواصلات، واهم الفرص الضائعة على الكويت، وما هو الأثر المتحقق نتيجية ضياع تلك الفرص.
تبرز أهمية هذا القطاع في الدور الذي يلعبه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والعمراني لكل دولة، لا يمكن ان تغفله او تتغاضى عنه. حيث تتجلى مساهمة قطاع المواصلات في العملية التنموية في أنه يساعد بشكل فعال في ربط مناطق الانتاج بالاستهلاك، وفي تأمين انتقال الأفراد والموارد والبضائع من مناطق الاستثمار وإليها، فلذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل من أهمية قطاع النقل في تشغيل الأيدي العاملة وتوفير فرق عمل لشريحة كبيرة من السكان سواء كان ذلك في مجال النقل ذاته او في مجالات أخرى ترتبط به أو تتأثر بتطوره، وبالتالي في حل مشكلة البطالة وما ينجم عنها من آفات اجتماعية عديدة، هذا بالاضافة إلى تقدم وسائل النقل بأنواعها المختلفة يساهم مساهمة كبيرة في تزايد التبادل الثقافي بين الشعوب ويدعم كذلك عملية تطور الفكر البشري وازدهار العلوم وانتشار مكتسباتها لتعم جميع بلدان العالم.
إن صناعة النقل او المواصلات هي الدعامة الرئيسية التي ترتكز عليها مختلف البرامج التنموية للدولة، نظرا لما لهذه الصناعة من دور كبير وتأثير واضح في تطور الشعوب في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواء كان ذلك في البلدان المتقدمة أو النامية، حيث إن تقدم الدول يمكن قياسه بتقديم وسائل ونظم النقل فيها، ولك على سبيل المثال ما تقدمة شركات النقل الجوي العالمية سواء على مستوى «تقديم الخدمات وصناعة الطائرات وكذلك تطوير هذا القطاع» من انعكاسات إيجابية لدولها أدت إلى تطوره وتقدمه وازدهاره «شركة ايرباص، وبوينج/ خير مثال على ذلك».
فلذلك نجد ان هناك عددا من الدول التي تعيش في محيطنا أقدمت على استغلال هذه الفرص التي يقدمها هذا القطاع، حيث قامت بتطوير بنيتها التحتية ووسائل نقلها حتى أصبحت نموذجا يحتذى به.
لقد شرعت كل من «السعودية، والإمارات» في تطوير بنيتهما التحتية لخدمة قطاع المواصلات الذي يمثل بالنسبة إليهما شريان الحياة، من خلال تنفيذ مشاريع السكة الحديد بين المدن، ونظم المترو داخل المدن، وذلك لخدمة القضايا التنموية التي تهمهما، حيث نجد ان اهم روافد الاقتصاد في السعودية تكمن في تسهيل عملية التنقل بين مختلف المدن السعودية لخدمة «مواسم الحج والعمرة، وانتقال الموارد الخام وخدمة القطاع النفطي»، اما في دولة الامارات فلا يختلف الامر كثيرا حيث تعد عملية تطوير وسائل الموصلات والبنية التحتية الخادمة لقطاع النقل أمرا مفصليا خصوصا في مجال خدمة مشروع الامارات الأبرز كونها مركزا تجاريا عالميا.
وها هي السعودية بدأت في تنفيذ مشروع مترو الرياض، والذي يكلفها نحو 86 مليار ريال سعودي، كما سيتم تشغيل سكة حديد الحرمين المكونة من 35 قطارا في عام 2016، حيث ان هذا المشروع سيربط مدينة مكة المكرمة بمدينة بجده بالمدينة المنورة، كما صدر امر ملكي بربط جميع مدن المملكة بسكة حديد السعودية، اما على مستوى دولة الامارات فكلنا يعلم مدى التطور الذي تعيشه في قطاع المواصلات من خلال توفر شركات عالمية للنقل الجوي «الخطوط الجوية الإماراتية، وطيران الاتحاد» والإمكانيات الضخمة المتوفرة لهما، بالاضافة الى شبكة الطرق المتطورة وأنظمة المترو المتميزة، وشركات النقل العام الرائعة، كما ان الامارات في الوقت الراهن تمتلك عددا من الموانئ المصنفة من افضل الموانئ العالمية سواء الجوية او البحرية.
ان هذا التطور في قطاع المواصلات والنقل الذي تم في كل من «السعودية والإمارات» كان له اثار إيجابية على المستوى الاقتصادي وفتح آفاق الاستثمار، وتوفير فرص العمل، وغيرها من الإيجابيات (الله يهنيهم).
لن احكي كثيرا عن الواقع المتردي الذي يعيشة قطاع المواصلات في دولة الكويت، مطار متهالك، خطوط جوية او ناقل جوي وطني ينذر بكوارث قادمة «الله يستر»، منظومة شوارع متهالكة لم يحدث لها تطوير واسع منذ عام 1990، لا مترو، لا سكة حديد، موانئ قديمة بطاقة استيعابية قليلة، فبذلك كيف للسلطة في الكويت ان ترفع شعار الكويت .. مركز مالي وتجاري، في ظل تردي البنية التحية وقطاع المواصلات.؟!!
لن اكتفي في هذا المقال بتوصيف الحال بل سأضع بعض النقاط التي يمكن لها ان تكون إرشادات عامة لتصحيح الأوضاع، على السلطة ان تعي بأنها تعيش في محيط تنافسي بين دول استغلت الفرص، وسخرت الإمكانيات لتحقيق تقدمها وتطورها، وان السلطة في الكويت أضاعت فرص التطور والتقدم في ظل الإمكانيات المادية الكبيرة التي تتمتع بها، رسالتي للسطة استفيدوا من تجارب الدول التي سبقتكم في هذا المجال، سخروا الإمكانيات لخدمة مشاريع التقدم والتطور، تجاوزوا الروتين والبيروقراطية المعوقة لتلك المشاريع، طوروا من قدارتكم الادارية، حفزوا مواردكم البشرية للعمل والإنجاز.
ولكن واقع الحال يقول:
لقد أسمعت لو ناديت حيا
لكن لا حياة لمن تنادي
فيصل المناور
رابط المقال

الخميس، 29 أغسطس 2013

فصل الدين عن الدولة.. تخريف وتزييف



فصل الدين عن الدولة.. تخريف وتزييف


الحمد لله خالق الكون على نظام محكم متين، والصلاة والسلام على أنبيائه العظام هداة الأمم إلى الحق المبين، لا سيما منهم على النبي العربي الذي ارسله رحمة للعالمين، ليرقى بهم معاشاً ومعاداً على سلم الحكمة إلى عليين.
أما بعد؛ "فصل الدين عن الدولة" مقولة تتردد بشكل يومي عبر وسائل الاعلام المختلفة سواء المرئية منها أو المسموعة أو حتى المقروءة، والتي تتخذ من الليبرالية والعلمانية منهجاً لها، ويتنطع ويستلذ بنو ليبرال وآل علمان بتكرار تلك المقولة بهدف اظهار القوى والتيارات الدينية بمظهر التخلف والرجعية والمعوق لحركة التطور والحداثة.
 ويتوارد في ذهني عند سماع تلك المقولة تساؤل موجه لأصدقائنا (الرفقاء) أنصار الفكر الليبرالي والعلماني في العالم الإسلامي، وهو: هل هناك من أحد قد قام بالبحث عن أصل تلك المقولة؟ وهل تفحص وتمحص أنصارها الدعائم التي قامت عليها؟
كلنا يعرف عن المدينة الفاضلة عند "أفلاطون" الفيلسوف الإغريقي الشهير، والتي هي في حقيقة الأمر تصور خيالي (غير حقيقي) لما ينبغي أن تكون عليه المدينة على أرض الواقع، حيث تقوم مدينته الفاضلة على عدد من المبادئ التي كان أهمها "أن تكون هذه المدينة التنظيم الاجتماعي والسياسي الأول للأفراد والجماعات، وجعل الأخوة هي أساس الروابط بين الشعوب، كما دعى إلى المساواة بين الجنسين، وأن الحكم ليس بالضرورة أن يكون بيد فرد واحد، وغيرها من المبادئ".
وما يهمنا هو تأصيل السياق التاريخي لمقولة "فصل الدين عن الدولة"، حيث يدعي بنو ليبرال وآل علمان أنه عندما انتهى "أفلاطون" من مؤلفة حول المدينه الفاضلة طرح عليه أحد تلاميذة تساؤل حول كيفية تطبيق تصوراته على أرض الواقع، وما هي قوة الإلزام التي تحفظ تلك المبادئ من التعديات والانتهاكات من قبل الأفراد والجماعات، ودار بعد ذلك نقاش وحوار طويل حول صياغة ملامح تلك القوة الملزمة، حتى تم التوصل في نهاية الأمر إلى فكرة ايجاد قوة خارقة غير مرئية تمثلت بــــ "الإله"، فظهرت بعد ذلك "الآله" عند الإغريق والرومان والفرس وغيرها من حضارات.
ويزيد بنو ليبرال وآل علمان إدعاءهم أن كل الأديان قد تم استنباطها من المبادئ التي قامت عليها المدينة الفاضلة، وأن الرسل والأنبياء هم مجرد أناس أذكياء فقط (أستغفر الله) استطاعوا صياغة مجموعة من الأفكار لإصلاح مجتمعاتهم استناداً على مبادئ المدنية الفاضلة، وجعلوا من "الإله/الله" (والعياذ بالله) بمثابة تلك القوة الخارقة غير المرئية والتي وصفها بنو الإلحاد بأنها "خرافة"، وأن المعجزات ما هي إلا قصص وتخيلات يرويها الرسل والأنبياء من أجل اثبات أن هناك قوة خارقة ستعاقب كل من يتعدى على تعليمات تلك الأديان، وهم كذلك يؤمنون بأن الأنبياء كان لهم هدف خير وهو إصلاح مجتمعاتهم، ولكنهم لا يؤمنون بأن تعاليم تلك الأديان ولا سيما الإسلام تصلح لكل زمان ومكان.
ويتضح لي مما سبق، أن مقولة "فصل الدين عن الدولة" هي في الأصل تمثل فكراً إلحادياً، فكيف لي أن فصل بين ديينا الإسلامي الحنيف الذي لم يترك لا كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها ووضع لها المعالجات والقواعد والأصول للتعامل مع مختلف القضايا؟! كيف أفصل بين الإسلام والدولة وأنا مؤمن بقول الله تعالى ()مَا فَرَّطنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيءٍ))؟! كيف لي أن أفصل بين الإسلام والدولة وأنا أراجع تاريخ الدولة الإسلامية في عهد النبي - صل الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم- في حقبه كانت أبرز سماتها العدل والاحسان وتحقيق الإندماج الاجتماعي بين كافة أطياف الدولة في ذلك العهد الجميل؟! كيف أفصل بين الإسلام والدولة وأنا أتذكر أنا أمتنا كانت قوة عظمى سيطرت على العالم من الصين إلى المحيط؟! كيف أفصل بين الإسلام والدولة وأنا أجد المعجزات العلمية التي يكتشفها العلماء في الوقت الحاضر وهي مذكورة في محكم التنزيل منذ أكثر من 1400 سنه؟!
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .. وأقول لبنو ليبرال وآل علمان من المسلمين ألا تتفكرون ألا تتعقلون، وأذكرهم بقول الله تعالى (( َلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنّ ِوالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ))، وهي آيه كريمة تحث الناس على التفكر والتعقل في ملكوت الله، وهي ترهب وتذكر كل من ينكر ملكوت الله بجهنم، ويشبهم رب العباد بأن حياتهم ومنهجهم أضل من منهج وأسلوب حياة البهائم، وأنهم في غفلة، وأن عقولهم في غيبوبة تامة.
 والمعلومة الهامة التي أسلط الضوء عليها في هذا المقال أن الحوار الذي تم بين "أفلاطون" وأحد تلاميذة هو إفتراء وخرافه وتزييف تم إختلاقها ولا أساس لوجودة لكي يجد بنو ليبرال وآل علمان المبرر أو المسوغ لنشر مقولتهم التي مفادها "فصل الدين عن الدولة"، والتي توصلنا إلى نتيجة حتمية وهي الإلحاد (أستغفر الله مره أخرى).
أتوقع أنه بعد هذا المقال سيشن منظري وأتباع المنهجين الليبرالي والعلماني هجوماً تنظيراً على ما سبق، ولكني أتحداهم إثبات إسم أو تحديد هوية تلميذ "أفلاطون" صاحب نظرية القوى الخارقة، وأقول لهم هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
إني أدعو للتفكر والتعقل لمن لم تغيب عقولهم، ولم تقسى قلوبهم، ولم تصم آذانهم، للوقف على حقيقة مقولة "فصل الدين عن الدولة"، والتي ما هي إلا خرافة وتخريف وتزييف.
 (ارجو الله أن يجعل حسن نيتي شفيع سيئاتي)
نشرت عبر جريدة الحقيقة الالكترونية
د.فيصل المناور

الخميس، 22 أغسطس 2013

كذبة الإستقرار العربي... العلة والأدلة


كذبة الإستقرار العربي... العلة والأدلة


سنوات عديدة مرت على النظم السياسية في البلدان العربية روجت فيها كذبة تناقلتها الأجيال كان عنوانها العريض "أننا نعيش في منظومة مستقرة سياسياً"، وأن تلك النظم بقواعدها وإجراءاتها وسياساتها هي صمام الأمان لذلك الإستقرار، وهو في واقع الأمر إستقرار الكاذب.

ولو أمعنا النظر قليلاً لإكتشفنا الدعائم التي يقوم عليها ذلك الإسقرار "الكاذب"، فنجد أن النظم السياسية العربية كرست جل جهودها لتحقيق مجموعة من الإجراءات لكي تشغل الشعوب بنفسها وتتفرغ لجني المغانم أو المكاسب على حساب تلك الشعوب المغيبة، ومن تلك الإجراءات أو السياسات إن شئنا القول التي إستخدمت من أجل تحقيق ذلك "وعود الإصلاح التي تشتري الوقت بينما بقاء الشعب في حالة بحث عن لقمة العيش؛ وكذلك الحقوق هِبةٌ من الحاكم، التي هي ليست حقّاً أصيلاًللمواطن(من وجه نظرهم)، ولا ننسى الامتيازات الناتجة عن الولاء السياسي وسحب هذه الامتيازات تبقي المحيطينوالشعب في حالة ترقب وقلق، بالاضافه إلى غياب الثقة بين الطوائف والجماعات والفئات فهي وسيلة لتحقيق الحكم المستقر، وخلق المجتمع الفاقد للثقة بنفسه وبمكوناته هو المجتمع المهيأ للخضوع".

أليست تلك هي القواعد التي أرستها نظمنا العربية لتحقيق إستقرار يضمن إستمرارها وإستمرار مكاسبها؟!

وبالنظر لمعنى مفهوم الإستقرار السياسي نجد أنه يعني بكل بساطة "غياب أو إنعدام التغيير الجذري أو الأساسي في النظام السياسي، وغياب أعمال العنف الجماهيري أو الطائفي، وكذلك غياب الحروب والاستعمار والهيمنة والخضوع بين الدول".

هذا الاستقرار السياسي هو الذي يهيئ لتحقيق النمو الاقتصادي بمعدلات عالية، ويفتح المجال أمام فرص الإستثمار، وهو نتاج لإيمان المجتمعات التي تنعم بالديقراطية التي أصبحت إرثاً إنسانياً تقوم على التعديدة السياسية وتداول السلطة سلمياً من ثنايا إنتخابات حرة نزيهة، وإيمانها كذلك بحريات وحقوق الأفراد. إنها تلك المجتمعات التي لا تميل للثورات والانقلابات العسكرية والاضطربات وأعمال العنف والحروب، ولديها تشريعات قانونية مستقرة.


فهل هذا المعنى للإستقرار ينطبق على الأنظمة السياسية في البلدان العربية؟

إن أهم دعائم الاستقرار السياسي السليمة في أي بلد ما (وهي بالطبع مفقودة في بلداننا العربية) أن يكون هناك إستقراراً حكومياً؛ يعني أن تكتمل المدة القانونية لتشكيل الحكومات والتي في العادة تكون ما بين (4 إلى 5 سنوات)، وأن لا تحل البرلمانات قبل اكتمال مدتها الدستورية أو يتم تعطيلها، إلى جانب حدوث أعمال عنف سياسي من اضطرابات وأعمال شغب واغتيالات، أو حدوث انقلابات عسكرية وحركات انفصالية أو اشتعال الحروب الأهلية، وما يؤديه ذلك كله إلى عدم الاستقرار السياسي المفضي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي حيث تعرقل جهود التنمية وتغلق آفاق وفرص الاستثمار، هذا بالإضافة إلى إعطاء الشعوب الفرصة ليقرروا من سيحكمهم وعلى أي مبادئ (تداول السلطة). وليراقبوا وينتقدوا ويحاسبوا السلطات، وليعبروا عن آرائهم من خلال صحافة حرة، وليقرروا الانضمام لمختلف الأحزاب السياسية، بما في ذلك فرص السجال السياسي والمعارضة والنقد وحرية المشاركة السياسية.

لقد كان الهدف مما سبق، أن نبين المعني الحقيقي للإستقرار السياسي ونوضح كذبة الاستقرار التي كانت ولا تزال تتبنها الأنظمة السياسية العربية وتروجها وتزرعها في عقل ووجدان شعوبها. تلك الكذبة (الإستقرار) التي تدعيها الأنظمة السياسية في البلدان العربية مردود عليها بالأدلة والبرهان والأرقام.

فنجد على سبيل المثال في دول الربيع العربي في مرحلة ما قبل الثورات أن معدلات البطالة وخصوصاً فيما بين الشباب بلغت معدلات مرتفعة بل وكارثية أيضاً ففي مصر بلغ معدل البطالة ما نسبته 40%، وبلغت النسبة في تونس نحو 30%، وفي ليبيا 26%، وفي اليمن 17%، وفي سوريا 12% (وذلك بحسب قاعدة بيانات البنك الدولي).

هذا بالإضافة إلى عامل البطالة إرتفاعت معدلات الفقر وزاد إنتشاره بين شعوب تلك البلدان، ففي مصر بلغ معدل الفقر ما نسبته22%؛ أي أن هناك حوالي 17 مليون مواطن مصري يعيشون تحت خط الفقر في مصر وحدها، وبلغت النسبة في تونس 25%، أما في اليمن فبلغت معدل كارثي حيث تجاوزت النسبة 46%، أضف إلى ذلك الشواهد المؤكدة على تدني نوعية الخدمات التعليمية والصحية العامة التي تقدّم مجاناً للفقراء، مقارنةً بنظيرتها التي تقدّم بأسعار مرتفعة في مؤسسات التعليم والرعاية الصحية الخاصة، وهو ما أدى إلى انتشار ظاهرة "توريث" أو "إعادة إنتاج" الفقر في دول الربيع العربي، وأضعف كثيراً من تأثير الاستثمار في رأس المال البشري.

كما أن الفساد السياسي والإداري وغياب المساءلة في تلك الدول خلال العقود الماضية كان أحد أهم سمات الأنظمة في البلدان العربية، والواقع أن الدلائل على الفساد السياسي والإداري في الدول العربية كثيرة ومتعددة، ويكفي في هذا الصدد الإشارة إلى أن كل من سوريا وليبيا واليمن كانت مصنّفة ضمن أسوأ 20 دولة من دول العالم في مكافحة الفساد، وأن كل دول الربيع العربي دون استثناء كانت ضمن هذه المجموعة بالنسبة لمؤشر "حرية التعبير والمساءلة" عام 2010م. ففي ظل هذه الأنظمة الفاسدة، يصعب القيام بأي عملية تنموية تنقل الشعوب من حظيرة التخلف إلى عالم التقدم والإزدهار.

فهل تستطيع تلك الدول بتبني مشروع تنموي في ظل سيطرة بعض النماذج الفاسدة كأسرة الطرابلسي في تونس، وأحمد عز في مصر، ورامي مخلوف في سوريا، إنها مجرد عينه لنماذج فاسدة منتشرة في الأنظمة السياسية العربية ؟!

إن ما تم ذكره أعلاه مجرد أمثلة بسيطة جداً لسياسات تتبنها تلك الأنظمة لتحقيق إستقرار كاذب توهم بها شعوبها، وما هي إلا سياسات لأنظمة دكتاتورية مستبدة تسعى للإستمرار وتسخدم فيها مجموعة من الأدوات المذلة للشعوب كالسجن والقمع والإهانة والسحل والقتل أيضاً كدعائم للإستقرار الكذاب.

وأخيراً، إن ما تم تداولة في هذه المقاله ما هو إلا قطرة في بحر تخلف تلك الأنظمة السياسية، وأنها لم تستطيع المحافظة على الإستقرار السياسي الحقيقي لدولها، وأنها أنظمة فشلت في تحقيق انجازات تنموية حقيقة لشعوبها، التي عانت من الظلم والاستبداد والتخلف، فكانت المحصلة أن شعوب تلك الدول قد انتفضت من أجل تغيير هذا الواقع المؤلم التي كانت تعيشة لسنوات وصفت بالجحاف، كان عنونها الذل والمهان والطعيان.

وسنوضح في المقال القادم إن كان للعمر بقية، قصة الردة العفنة على ثورات الربيع العربي ومحاولات كسر إرادة الشعوب، فإلى لقاء قريب إن شاء الله.

"عاشت كذبة الاستقرار العربي حره أبيه"


بقلم: د.فيصل المناور

(نشرت عبر جريدة حياد الالكترونية 22 أغسطس 2013)


مقالات الرأي:

مقالات الرأي:


دع الحمقى يتجادلون (جريدة الحقيقة الالكترونية)
http://www.alhakea.com/home/index.php?news=7839

كذبة الإستقرار العربي ... العلة والأدلة (جريدة حياد الالكترونية)
http://www.7eyad.com/ArticleDetail.aspx?id=4348382#.UhaihD__R-Q

الافصاح وتداول المعلومات ... حق لكل مواطن(جريدة الحقيقة الالكترونية)
http://www.alhakea.com/home/index.php?news=7553

التنمية المفقودة في بلد يدعي التنمية (جريدة الحقيقة الالكترونية)
http://www.alhakea.com/home/index.php?news=11216

ماذا يعني مفهوم التنمية؟ (جريدة الحقيقة الالكترونية)
http://www.alhakea.com/home/index.php?news=17862

مشاركات مصورة:

مشاركات مصورة:


الملتقى الفكري في ديوانية البلهان (ما بعد حكم المحكمة الدستورية)
http://www.youtube.com/watch?v=esxQUsjqwTA

برنامج ريتويت على قناة الراي (د.فيصل المناور vs  د.ميثم حسين)
http://www.youtube.com/watch?v=JC3yhl5R3vk

مقطع من برنامج مواجهة قناة الوطن حلقة مايو 2013 (د.فيصل المناور + جمال النصافي) vs (خليل الصالح + سامي النصف)
http://www.youtube.com/watch?v=1wfykX_xDP0

برنامج الكلام الحر قناة اليوم (د.فيصل المناور+ ناصر المطيري)
http://www.youtube.com/watch?v=-WSWOznk6D0

مقطع من برنامج وجهاً لوجه قناة الشاهد
http://www.youtube.com/watch?v=M7UyPGnSqts

الحلقة الكاملة لبرنامج وجهاً لوجه قناة الشاهد (د.فيصل المناور+م. عبدالله خسره)
http://www.youtube.com/watch?v=hdmMU50GN9E

برنامج مواجهة قناة الوطن حلقة مايو 2013  كاملة (د.فيصل المناور + جمال النصافي) vs (خليل الصالح + سامي النصف)
http://www.youtube.com/watch?v=-NtOvdOpBEc

برنامج مواجهة قناة الوطن حلقة ديسمبر2012  كاملة (د.فيصل المناور + فهيد الهيلم) vs (هشام البغلي + سامي النصف)
http://www.youtube.com/watch?v=MOcNPN2MHtU

مقطع من برنامج مواجهة قناة الوطن حلقة ديسمبر2012 
http://www.youtube.com/watch?v=c8L2QD6Ve9U

الاثنين، 16 يوليو 2012

مشروع نهضة الكويت

مشروع نهضة الكويت




تمر الكويت في الوقت الراهن بمرحلة تختلف بكل أحداثها ومعطياتها عن أي مرحلة سبقتها، فالأحداث والتطورات المتسارعة أفرزت تعاملات لم يعتد عليها المواطن الكويتي، فنذكر من تلك التعاملات: فساد المؤسسات، وانتهاك كرامات الشعب، وضرب نسيج ووحدة المجتمع، والفشل في إدارة شئون الدولة والمجتمع، والصراع السياسي الذي لا ينتهي.

لقد أدت هذه التعاملات إلى مهازل وكوارث من المفترض أن لا تحدث في بلد يعد من أغنى دول العالم، ومن هذه المهازل غرامة الداو، وكارثة الخطوط الجوية الكويتية، وتشكيلات حكومية غير مستقرة، وحل مجلس الأمة لخمس مرات في آخر عشر سنوات، وتغليب رغبات القله على رغبات الشعب، وتأخر تنفيذ خطط وسياسات التنمية، ومستوى تعليمي متخلف، ومستوى الخدمات الصحية في أدنى مستوياته، ومجتمع استهلاكي غير منتج، واحباط عام، وغيرها وغيرها من أمور تقشعر لها الأبدان.

أننا في الكويت نواجه تحديات عديدة وكبرى يجب الوقوف، عليها وذلك من خلال الخروج بمشروع وطني يحظى بالحد الأدنى من القبول على الأقل من قبل أطياف المجتمع ويحقق طموحات النهضة التي ينشدها الجميع.

أننا في الكويت وفي الفترة الأخيرة نركز على القضايا التافه والمنحطة في نظري ولا نلتفت إلى القضايا الكبرى والتي من بينها: كيف نحقق التنمية المنشودة؟ وما هي الأدوات الفعالة التي يحب استخدامها لتحقيق ذلك؟ وما هي الطرق المثلى لكي نكون جهاز إداري فعال؟ كيف ننقذ اقتصادنا المتردي؟ كيف يكون لدينا ديمقراطية حقيقية؟

إن مشروع نهضة الكويت ليس بتعديل الدوائر، أو تحديد الصلاحيات، أو اسقاط قروض، أو دواوين إثنين، أو عناد وتسلط في الآراء، وإنما في صناعة ثورة شاملة تقتلع كل منابع التخلف والتردي التي نعيشها.

أن عملية انقاذ الكويت يجب أن تنطلق في رأي الشخصي من خلال خمس نقاط محورية، وهي:

 اتاحة الفرصة للناس ليقرروا من سيحكمهم (مجلس وزراء منتخب) وعلى أي مبدأ وليراقبوا وينتقدوا السلطات دون خوف وليعبروا عن آرائهم من خلال صحافة حره تقبل الجميع وليقرروا الانضمام لمختلف الأحزاب السياسية وتوسيع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات.

 توفير نوع من التسهيلات الاقتصادية التي تتيح للأفراد استغلال الموارد الاقتصادية لأغراض الاستهلاك والانتاج والتبادل، ومحاربة الاحتكار والتنفيع.

 توفير الفرص الاجتماعية في المجالات التي تؤثر على في الحريات الحقيقية المتاحة للأفراد ليعيشوا حياة طيبة، كالتعليم الجيد والمتاح للجميع وتحقيق مستوى جيد للخدمات الصحية وغيرها. ولا تقتصر أهمية مثل هذه الخدمات للحياة الخاصة للأفراد فحسب، وإنما تمتد لتؤثر على تفعيل مشاركتهم في النشاطات الاقتصادية والاجتماعية.

 توفير ضمانات الشفافية والتي تعزز الثقة في التعامل بين الناس والحاكم والمحكوم في اطار المجتمع. وهو أمر يتعلق بالحرية في التعامل بين الأفراد على أساس ضمان الافصاح والنزاهة والسلاسة، وتلعب هذه الضمانات دوراً واضحاً في الحد من الممارسات الفاسدة وعدم المسؤولية المالية والتعامل بنوايا مبطنة وغير معلنة.

 توفير شبكات حماية اجتماعية للحيلولة دون وقوع الشرائح الضعيفة في شباك الحاجة والعوز ومن ثم الفقر.

إن الناظر لتاريخ الأمم السابقة في تجارب الدول التي خطت خطوات كبيرة نحو التقدم والازدهار يجد أن النهضة والاصلاح الحقيقيين لكل ما نعانيه من مشكلات في جميع المجالات والفساد الذي عم واستشرى في الكثير من مؤسسات وهيئات الدولة وتأخرنا في جميع المجالات.. لن يتحقق على يد شخص بمفرده أو تيار واحد أو فئة معينة، ولكنه يحتاج إلى مشاركة الجميع من أبناء هذا الوطن المخلص بصرف النظر عن انتماءاتهم الفكرية والطائفية والسياسية.

وبالرغم من أن طريق الإصلاح طويل وشاق والتحديات كبيرة وصعبة إلا أنه لا يأس مع الحياة وحقائق اليوم أحلام الأمس وأحلام اليوم حقائق الغد والضعيف لا يظل ضعيفاً طوال حياته والقوي لا تدوم قوته... وإن أشد ساعات الليل ظلمة هي التي تسبق طلوع الفجر فاستبشروا فلقد لاح في الأفق شعاع النور وغداً سيشرق فجر جديد بإذنه تعالى.

وبعد، هذه رؤيتي لمشروع نهضة الكويت. نوصي الجميع حكاماً ومحكومين العودة للرشد والابتعاد عن الصراع والعودة للعمل من اجل بلدنا الصغير في حجمه الكبير بمواردة.

وسأعرض عليكم بعض المؤشرات التي تدل على اننا في تدهور وتراجع:



أولا: مؤشر التنمية البشرية:

2010           الترتيب العالمي31                          الترتيب الخليجي 1                   الترتيب العربي 1

2011          الترتيب العالمي  47                         الترتيب الخليجي  3                  الترتيب العربي 3

2012          الترتيب العالمي  63                        الترتيب الخليجي 5                   الترتيب العربي 5






ثانياً: مؤشر مدركات الفساد:
2011                    الترتيب العالمي54                       الترتيب الخليجي 6                           الترتيب العربي 6

2012                    الترتيب العالمي63                        الترتيب الخليجي6                           الترتيب العربي 9



ثالثاً: مؤشرات أخرى:


تمكين التجارة               الترتيب العالمي 65                      الترتيب الخليجي 6                              الترتيب العربي 8

تطور الحكومة الالكترونية       الترتيب العالمي50               الترتيب الخليجي   3                            الترتيب العربي 3

التنافسية العالمية                    الترتيب العالمي35                الترتيب الخليجي5                                الترتيب العربي 6



تحياتي
 
فيصل المناور
 


الخميس، 16 ديسمبر 2010

رسالة إلى وطني

رسالة إلى وطني الحبيب الكويت

إلى: بلدي الحبيب الكويت.

من : مواطن مغترب مغرم بحب الكويت.

الموضوع: تغير الحال من حال إلى حال.

بالإشارة للموضع أعلاه، وأنا في غربتي كنت اتفاخر في أعرق الجامعات العربية وفي مدرسة العلوم السياسية العربية الأولى (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية) بمستوى الحريات والقدرة على التعبير من غير خوف وبحرية كاملة يحسدنا عليها القريب قبل البعيد، كنت أتكلم وأطرح الآراء بصورة يستغربها زملائي، كنت أقدم العروض البحثية وأنا آتفاخر بالممارسات الديمقراطية التي جبل عليها المواطن الكويتي، واليوم اجد نفسي مذهولا ومتألما لم حدث في ذلك الوطني الحبيب،  أدخل الكلية وأنا خافضاً رأسي من جراء هذه الأحداث وكأن كل من فيها ينظر إلي وأجد في نظراته الإستهزاء والسخرية وتساؤلات عن مصداقية ما كنت أطرحه عن هذا الوطن، فلا أحد يصدق مستوى الحريات والتقدم الذي نعيشة في الكويت قبل تلك الأحداث، كنت اتناقش مع أساتذتي من خلال مؤشرات دولية وأحرجهم بها وأثبت حجتي عليهم، ولكن اليوم كل هذا ذهب فماذا أقول الآن؟ هل أقول كنت ابالغ؟ هل أقول كنت في حلم؟ أم أقول تغير الحال من حال إلى حال؟

هل كرامات الناس عندما تنتهك تبرر بأوامر عليا؟ أي كرامة حرة تقبل ذلك؟ فعندما رأيت أستاذ جامعي متميز بعلمه يضرب بهذه الطريقة البشعه تساءلت غدا عندما أحصل على درجة الدكتوراة واطرح فكرة أو ممارسة خاطئة هل سأضرب؟ فما فائدة العلم الذي تعلمته اذا لم أستطيع ان أصلح خلل أو إنحراف.

وطني الحبيب الكويتي لا أجد إلا أن أواسيك وأقول إن بعد الكرب لفرج فلا تحزن سنعود كما كان الحال فالطبع غلاب وما هي إلا سحابه وستنجلي. ربي احفظ هذا البلد بما تحفظ به عبادك الصالحين اللهم آمين.



إبن الكويت

فيصــل المنـــــــــــــاور

القاهرة 16/12/2010م