السبت، 13 ديسمبر 2014

•الساحة السياسية من منظور شبابي

  • الساحة السياسية من منظور شبابي
  • الساحة الشبابية من منظور شبابي، هو عنوان لندوة أقيمت في ديوان «عائلة المناور» في تاريخ 8 ديسمبر 2014، والتي اعتبرها كثير من المراقبين أنها انطلاقة نحو خطاب سياسي جديد، يختلف عن ما سبقه من خطابات، حيث إنها كانت عبارة عن محاولة جادة لتسلط الضوء على عدد من الاختلالات التي تعاني منها العلاقة التي تحكم الفرد بالدولة. والتي حاول المتحدثون «الشباب» الانطلاق منها لتكوين ملامح ذلك الخطاب الجديد.
    ويمكنني من خلال السطور القادمة أن أستنبط أو أحدد ملامح ذلك الخطاب من خلال تلك الكلمات التي طرحها هؤلاء الشباب، في اعتقادي الشخصي يتكون الخطاب السياسي الشبابي الجديد من ثلاثة منطلقات أساسية، وهي؛ إعادة تحديد مفهوم الموطنة، والذي هو في واقع الحال يتمثل في علاقة التبعية «أي تبعية الشعب للسلطة» حيث يتجلى ذلك من خلال قدرة السلطة على فرض إرادتها على الشعب دون أي اعتبار لإرادته ورغباته وهذا ما يعرف إصطلاحاً بالدولة الرعوية أو الأبوية، وهو بعيد كل البعد عن الأسس السليمة لمفهوم الديمقراطية، والذي يتجلى أهم أسسه في عملية المشاركة والتشريك، فليس من المقبول أن تكون عملية سحب الجنسية أو منحها وفق أهواء السلطة ورغباتها، دون قيد أو إجراءات تنظمها نابعة من إرادة الشعب ومتفق عليها، فهنا يتضح بأن مفهوم المواطنة محتكر بيد السلطة فقط تمنحه لمن تريد وتحجبه عن ما لا تريد، ولذلك يطرح الشباب بأن مفهوم المواطنة بحاجة إلى إعادة نظر وإعادة تحديده بما يتفق مع الأطروحات الديمقراطية النابعة عن إرادة الشعب لا السلطة.
    أما المنطلق الثاني للخطاب السياسي الجديد النابع من الرؤية الشبابية فيكمن في إيجاد آليات جديدة لتوزيع الثروة؛ فكلنا يعي ويعرف بأن دستور 1962 ما هو إلا نتاج لعملية تصالحية بين السلطة والتجار لفترة طويلة شهدت صراعا بينهما من أجل السيطرة على السلطة والثروة ومزيد من النفوذ، مما أنتج لدينا عدالة اجتماعية ضعيفة وهشة لا تراعي المساواة في توزيع الفرص والثروة، وأن المطالبات التي برزت في الفترة الأخيرة كانت منصبة على إيجاد آليات تحد من الفساد وتراعي توزيع الثروة بين المواطنين، ولكن في وجهة نظري الشخصية أن تلك المطالبات لم تكن محددة بشكل واضح ودقيق، إلى أن قام الشباب من خلال ندوتهم الأخيرة بطرح آليه واضحة لذلك تكمن في أن عدالة توزيع الثروة يجب أن تكون من خلال عملية تنموية سليمة تضمن توافر مختلف الخدمات العامة كماً ونوعاً، أي أنها ذات جودة عالية، تنافس بها ما يقدم بالقطاع الخاص، كما يحدث في دولتي الإمارات وقطر، وهو ما يقصد به إنشاء جامعات جديدة، والإنفاق على تأسيس منظومة تعليمية متميزة ومتقدمة، وتوفير السكن اللائق، ورفع الرواتب لضمان العيش الكريم للمواطن، ومنظومة صحية متطورة، وغيرها من مكونات العملية التنموية ذات الكفاءة والفعالية.
    أما المنطلق الثالث لهذا الخطاب الجديد، فيتجلى في إعادة النظر في الدستور، فليس من المنطق أن تستمر نفس المبادئ الدستورية التي تحدد شكل الدولة وعلاقة المحكوم بالحاكم لمدة تزيد عن الخمسين عاما، الأفكار تغيرت، ومستوى التعليم ارتفع، المصالحة تشابكة وتعقدت، والطموحات والآمال اختلفت، لذا قدم الشباب في خطابهم هذا ما يعبر عن أحد متطلبات العصر والمرحلة الحالية والتي تكمن في ضرورة زيادة المشاركة الشعبية، وذلك من خلال إتاحة الفرصة للناس ليقرروا من سيحكمهم وعلى أي مبادئ، وليراقبوا وينتقدوا ويحاسبوا السلطات، وليعبروا عن آرائهم من خلال صحافة حرة، وليقرروا الانضمام لمختلف الأحزاب السياسية. وكذلك ضمان فرص السجال السياسي والمعارضة والنقد وحرية المشاركة السياسية، بعيداً عن القبضة الأمنية التي هي أحد أهم السمات التي تتعامل بها السلطة.
    لذا قدم الشباب رؤيتهم والتي تكمن في أن هناك العديد من الاختلالات على مستوى توفير السكن للمواطن، وضعف المنظومة التعليمية، وتردي مرافقنا الصحية، وغيرها، فوجدوا بأن الخلل يظهر في مسألة ضعف القدرة والإدارة لأجهزة الدولة، والحكومة، وهم بذلك يرون بأن الحل يكمن في إيجاد أسلوب جديد لإدارة الدولة من خلال إعادة النظر في الدستور الذي ينظم الدولة، وحكومة يختارها الشعب لتدير شؤونه يستطيع أن يحاسبها ويقرر مصيرها، ويكون ولاؤها للشعب ترسيخاً لمبدأ الشعب مصدر السلطات.
    هذا هو الخطاب الجديد، الذي قد يكون أرضية جديدة يمكن الانطلاق منها، لحراك شبابي صادق نحو مزيد من الاصلاحات لمواكبة متطلبات التطور والازدهار، فلم تعد الأساليب القديمة لإدارة الدولة القائمة على التبعية المطلقة تنفع وتفيد فالعصر اختلف، وأساليب الإدارة تغيرت، فلذلك أدعو الجميع سلطة ومعارضة أن يصغوا للشباب فهذا زمانهم، وهذا خطابهم، فلا نريد صراعا معهم بل نريد احتضانا لأفكارهم ورؤاهم فهم الحاضر والمستقبل.
    ولكن كما يقال
    لقد أسمعت لو ناديت حياً
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    د. فيصل المناور
    رابط المقال

    الاثنين، 8 ديسمبر 2014

    •«الخطاب السلطوي.. والرد الشعبي».. الحكومة المنتخبة نموذج

  • «الخطاب السلطوي.. والرد الشعبي».. الحكومة المنتخبة نموذج
  • دائما ما تحاول السلطة في العادة من السيطرة على قنوات الرأي العام والإعلام وذلك بهدف بث خطابها السياسي، والذي في أغلب الأحيان ما يكون عبارة عن بيع للوهم والأوهام.
    ولكن دائما ما يكون ايضا هناك من يقف لها بالمرصاد، ويكشفها من خلال تفكيك هذا الخطاب السلطوي، ولعل الاحداث الاخيرة التي عصفت بالكويت خير دليل ومؤشر على ذلك.
    فعندما ارتفعت الاصوات المنادية بوجوب التحول الديمقراطي الحقيقي واقرار ما يعرف بنظام الحكومة المنتخبة، قامت السلطة بتوجيه خطابها لمواجهة تلك الاصوات، وذلك عن طريق خطاب كان ابرز مفرداته التخوين وضعف الانتماء وما إلى ذلك، وحتى لو كان بصورة غير مباشرة، ووجهت الاتهامات للمنادين بالحكومة المنتخبة بأنهم كذلك مؤزمون ومزدوجون ويسعون إلى ضرب النسيج الاجتماعي والتخريب وغيرها من الاتهامات، وحاولت ايضا بأن تحقر تلك الجهود المنادية بمزيد من المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار عن طريق اقرار الأحزاب والحكومة المنتخبة، من خلال استخدام وحشد كل أدواتها من وعاظ السلاطين وأبواقها وقنواتها الإعلامية الفاسدة، اي ان خطابها كان قائم على التشكيك بالآخرين.
    للأسف لم تتعامل السلطة باحترافية وعقلانية مع هذه المطالب الداعية لتطبيق الحكومة المنتخبة، حيث تبرز مكامن العمل الاحترافي والعقلاني في السعي الحثيث لمعرفة ما هي الاسباب التي أدت لتلك المطالب؟ وهل هذه المطالب مستحقة؟ وهل في حال تطبيق الحكومة المنتخبة ستتحسن الامور؟ وهل ذلك في مصلحة الكويت العامة؟ ان تلك التساؤلات من شأنها ان ترسم لنا صورة واضحة حول موضوع الحكومة المنتخبة ومدى جدواها.
    وبذلك سأحاول في السطور القادمة الرد على الخطاب السلطوي المشكك في تلك المطالبات واصحابها، لان خطابها من وجهة نظري الشخصية ما هو إلا انعكاس لتفكير يحاول السيطرة على مكاسب مادية معينة اي ان المصلحة هنا تدور في فلك الشخصية لا العمومية. كيف ذلك؟
    كلنا يعي وبعد اكثر من 50 سنة من وضع الدستور، ان الأوضاع في الكويت تزداد سوءا، على مستويات عدة، فكيف يعقل ان بلدا تعداد مواطنيه تقريبا 1.2 مليون نسمة يعاني من مشكلة إسكانية، حيث انه لدينا ما يقارب 100 ألف اسرة كويتية لا تملك مسكنا في ظل تدفقات مالية ضخمة تتمتع بها البلاد؟! كيف يعقل كذلك ان تكون الخدمات العامة بهذا التردي الكارثي؟! المستشفيات الحكومية متهالكة، وجودة التعليم في انحدار، والمرافق التعليمية محدودة، السلطة تبني المدن الجامعية في اليمن وسريلانكا ومنغوليا وفي الكويت لا يوجد الا جامعة واحدة يتكدس بها طلاب الكويت، مع العلم ان الحاجة ماسة لإنشاء جامعة اخرى، لدينا اكثر من 30 ألف طالب كويتي يدرس خارج الديار، اضف الى ذلك تفشي الفساد، فهل تعلم ان نحو 82٪ من القضايا المتعلقة باختلاسات المال مصيرها للحفظ كما حدث في قضية الإيداعات والتحويلات، اضف الى ذلك أيضا غياب مفهوم المواطنة واختلاق مشكلات تضرب النسيج الاجتماعي، الجويهل وسحب الجناسي مجرد أمثلة، ماذا حدث لمسارحنا، والحركة الثقافية، ودور المدرسة بالتنشئة، بيئة اقتصادية تحتكرها خمس عوائل تجارية متحالفة مع السلطة، هي من تحتكر المناقصات والامتيازات الاقتصادية، تهميش اجتماعي واضح، الكويتيون البدون مجرد حالة، وتهميش سياسي آخر لكل معارض، محسوبية منتشرة، ضعف السياسات، وجهاز إداري مترهل تغزوه أمراض البيروقراطية، قتل روح المبادرة والابتكار، وغياب الشفافية والافصاح، وغيرها الكثير من المظاهر.
    فهل بعد كل ذلك ليس من حقنا ان نطالب بحكومة منتخبة كحل وبديل ينتشلنا من ذلك الواقع المزري، أليس في البلاد من هم مؤهلون قادرون على قيادة الدفة.
    نعم هكذا يجب ان نرد ونواجه ذلك الخطاب السلطوي القائم على التشكيك والتخوين، الانجاز المفقود والفشل المستمر هو من دفعنا لنطالب بحكومة منتخبة، ليس من باب الترف، بل من باب إرساء قواعد المصلحة العامة، فمصلحة الكويت تبقى هي الأهم.
    ويجب ان نعي جميعا بأن الانجاز هو المعيار الحقيقي لشرعية اي نظام سياسي، فلا شرعية دون إنجاز ، لان الشرعية تعني رضا المحكوم عن الحاكم، فلماذا لا تسعى السلطة لتقديم خطاب يدعو للحوار وإشراك الكفاءات لرسم خارطة طريق نهضوية، يكون شعارها العريض الانجاز، فالكويت إمكانيات وموارد وشباب، لماذا لا تنتهج السلطة نهج الانجاز بدل الاقصاء والتهميش، ألا تستحق الكويت منها ذلك؟.
    إنني في هذا المقال أدعو السلطة لفتح صفحة جديدة، تهدف إلى تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، وتحقيق متطلبات التقدم والازدهار، فبلدنا جميل ورائع ولكنه متعب ومريض، يحتاجنا جميعا لمعالجته ووضعه على الطريق الصحيح مره أخرى.
    ولكن كما يقال:
    لقد أسمعت لو ناديت حيا
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    د.فيصل المناور
    رابط المقال

    الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

    •ضعف الرقابة للسيطرة..منهج فاسد ومفسد!

  • ضعف الرقابة للسيطرة..منهج فاسد ومفسد!

  • منذ فترة وكلنا يتابع الاحداث والتفاعلات السياسية والتي كانت ما بين شد وجذب بين السلطة والموالاة من جانب، والمعارضة ومناصريها من جانب آخر، ولكن ما استطعت أن أرصده هو أن هناك مخططا واضحا وصريحا لإضعاف كافة الأدوات والممارسات الرقابية سواء الرسمية أو غير الرسمية، من أجل مزيد من السيطرة والتحكم من قبل السلطة والموالاة.
    ولك في ذلك العديد من الأمثلة والأدلة والتي سنقوم بسرد بعضها لكي يعي الشعب هذا الخطر الذي نعيشه والذي سيؤثر تباعا على الدولة ومقدراتها.. نبدأ ذلك من قيام السلطة ومجموعة الموالاة في تحجيم الأداة البرلمانية التي تعد أحد مصادر قوة البرلمان في مواجهة السلطة ألا وهي أداة الاستجواب، وذلك بقيامهم بحسب قولهم بسن سنة حميدة «بل هي سنه خبيثة وقذرة» في شطب محاور الاستجوابات وهي مخالفة صريحة وواضحة للمادة «100» من الدستور، ولم يكتفوا بهذا الأمر بل سبق ذلك تقويض ما يعرف بالرقابة الشعبية ويتبين ذلك من خلال عدة أمور أولها اتباع السلطة نهج التفرد بها برعاية وتطبيل وتزمير الموالاة، من خلال القيام بإقرار ما يعرف بالصوت الواحد والذي قلل من قدرة الشعب على اختيار ممثلية في البرلمان مما يعطي السلطة أريحية تامة في صعود الموالين للمقاعد البرلمانية اضافة إلى تمثيل الوزراء والذين يمثلون ثلث البرلمان مما يعزز من سيطرتهم على قرار البرلمان، وكذلك قامت السلطة بإضعاف المجتمع المدني ودوره في الرقابة على السلطة والذي يكمن دوره في عملية التنبيه ورصد الاختلالات والممارسات التي قد تكون منحرفة عن مسارها الصحيح، ليس ذلك فحسب بل ذهب الموالون للسلطة لأبعد من ذلك بقيام عدد من أعضاء البرلمان الصوري او الحكومي ان صحت التسمية في اقتراح تشريع جديد ينسف تاريخ الحركة الطلابية من خلال قانون لتنظيم الانتخابات الطلابية، فهو مقترح لقانون كان ابرز مفرداته «يحظر على عضو الاتحاد كذا وكذا وكذا» فهو باختصار قانون حظر وليس قانون تنظيم، ويمنع ايضا القانون من ان يطل على الطلاب في كل سنة عرسهم الديمقراطي ويحدد مدة الاتحاد الطلابي بثلاث سنوات «اي ان انتخابات الطلابية تكون كل ثلاث سنوات» وان حل ذلك الاتحاد بيد الادارة الجامعية وليس من خلال الجمعية العمومية للطلاب، وان الانتخابات تكون بنظام الصوت الواحد «الأعور» مما يحرمنا من صقل وظهور قادة المستقبل، لديهم القدرة على العمل الجماعي.
    إن تلك الاحداث والمظاهر ما هي إلا انعكاس لأمر غاية في الأهمية وهو ان هناك مخططا واضحا لقمع وطمس كل أداة او قناة رقابية على اعمال السلطة، ولك أيضا في إغلاق قناة عالم اليوم دليل آخر، ماذا عن محاسبة القبيضة؟ وابطال التحويلات المالية؟ ماذا عن محاسبة من يؤخر تنفيذ المشروعات؟ ويختلس الاموال العامة؟
    كلها امور تدعني أشكل في ذهني ملامح المرحلة... والتي قد أضع لها عنوانا عريضا... بأننا دولة بلا رقابة. لقد انتشر الفساد نتيجة تلك الممارسات المنحرفة بشكل اصبح الفاسد فيه يتفاخر بفساده واصبح الفساد قيمة بدلا من ان يكون عيبة او سبة في جبين صاحبه، هل تعلم أن المؤشرات الدولية كافة تدلل على ان جهود السلطة في مكافحة الفساد ضعيفة؟ وان الرقابة دون المستوى.
    فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد ان الكويت قد حصلت على 35 نقطة من اصل 250 نقطة على مؤشر محاربة الفساد الصادر عن البنك الدولي في عام 2012، مما يدل ايضا على ضعف المساءلة وهذا ما يؤكده كذلك مؤشر التعبير والمساءلة الصادر عن البنك الدولي في عام 2012، حيث حصلت الكويت على 50 نقطة سالبة «-50» من اصل 100 نقطة موجبة، وغيرها الكثير من المؤشرات الدالة على ضعف عملية الرقابة والمساءلة.
    إن هذا الوضع لن يزيد منظومتنا إلا تراجعا وترديا... وهذا ما لا يرضي اي مواطن محب لوطنه، ولكن السلطة واتباعها دائما ما يراهنون على امر محوري وحاسم في استمرا هذا النهج وهو الضعف الشعبي وعدم مبالاة الشعبوية ، فمن أمن العقوبة أساء الادب، فلذلك أطرح على الشعب هذا التساؤل..ماذا انتم فاعلون؟.
    د.فيصل المناور
    رابط المقال
     

    الأحد، 30 نوفمبر 2014

    تاريخ الكويت «صراع على الثروة والسلطة .. بأقلام شبابية»!

  • تاريخ الكويت «صراع على الثروة والسلطة .. بأقلام شبابية»!
  • «الأكثر قراءة هذا الأسبوع»
    صدر كتاب مؤخراً عن دار مسعى للنشر والتوزيع، يحمل عنوان «الكويت .. جدلية الصراع الثروة»، يحكي هذا الكتاب تاريخ الكويت السياسي والاقتصادي بمنهجية نقدية، مركزاً على ثلاثة مراحل مختلفة في تاريخ الكويت «بدأت بفترة حكم الشيخ مبارك الكبير، مروراً بفترة حكم الشيخ أحمد الجابر، وصولاً لفترة حكم الشيخ عبدالله السالم».. لم نألفها من قبل، فجميع المصادر التاريخية التي كانت تكتب من قبل تركز على الأحداث دون الدخول في تفاصيلها ونقدها وتحليلها تحليلاً رصيناً منضبطاً، مما جعلها -بوجهة نظري الشخصية- تفتقد موضوعيتها أو هي عبارة عن سرد تاريخي لا يضيف للقارئ فهم أعمق لتلك الأحداث، لقد قام د. أحمد عقلة العنزي- وهو بالمناسبة حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة باريس السوربون الفرنسية العريقة- بمحاولة جريئة لاقتحام التاريخ بمنهجية أو أسلوب علمي منضبط، لكي يزيل الغشاوة التي دوماً ما كانت تحيط بأعيوننا وأبصارنا.
    تدور الحكاية حول الصراع التاريخي بين أسرة الحكم وطبقة التجار من أجل... السلطة والثروة، بدأت ملامحها عندما أراد الشيخ مبارك الصباح «مبارك الكبير» بتحقيق حلمه بوضع الأسس المتينه لبناء الدولة، والذي دائماً ما كان التجار يحاولون التصدي له قبل أن يتقلد مقاليد الحكم وذلك نتيجة سيطرتهم ونفوذهم الاقتصادي والسياسي في تلك المرحلة، ولك في المحاولات العديدة التي قام بها التجار بشأن إيقاف غزواته التي كانت تهدف إلى تعزيز مساحة الكويت وحمايتها. حيث كان قبل ذلك يسيطر على الكويت ومفاصلها الاقتصادية مجموعة من التجار «أو الإقطاعيين» الذين لا يساهمون في توجيه جزء من إيراداتهم للإنفاق على الدولة وأهلها، يسيطرون على الساحل والميناء وتجارة الغوص، دون أي التزام يذكر تجاه المجتمع وأفراده، مما دفع «مبارك الكبير» بكل حزم وقوة إلى فرض الضرائب والرسوم عليهم، وذلك في محاولة منه لإيجاد إيراد حقيقي ومستمر لتغطية مختلف نفقات الدولة، كانت فترة حكم «مبارك الكبير» يسودها النهج الفردي في الحكم مستند بذلك على مؤسسة عسكرية شكلها بنفسه مكونه من أبناء البادية والكادحين وأبناء البحارة البسطاء، بالإضافة إلى اتفاقية الحماية البريطانية عام 1899، والتي أعطت أسرة الصباح الحماية الكاملة في إطار الالتزام ببنود الإتفاقية المقرة، مما أدى إلى خلق سدود منيعة للدولة ومفاصلها من أي خطر سواء كان داخياً أو خارجياً، مما دفع التجار المتضررين من تلك السياسات الجديدة إلى هجرة بعضهم وتشكيل ما يعرف بمعارضة «مبارك الكبير» من الخارج وتحديداً من العراق، والبعض الأخر التزم الصمت وبدأ يشتغل بالتجارة عن طريق التهريب كمحاولة للتهرب الضريبي.
    وبعد وفاة الشيخ «مبارك الكبير» وانتهاء فترة حكم أبنائه «سالم وجابر» التي لم تستمر طويلاً، استلم الحكم الشيخ «أحمد الجابر»، والذي اتسمت فترة حكمة بمنعطفات خطيرة، حاول التجار «أو الاقطاعيين» فيها العودة بكل قوة بعد فترة تهميش عانوا منها في فترة حكم الشيخ «مبارك الكبير»، إنها فترة كشر فيها التجار عن أنيابهم بكل قوة وشده مستغلين فيها الأحداث والتطورات التي شهدتها الكويت بداية من فترة التنافس على مسند الإمارة والتي كان أطرافها «الشيخ أحمد الجابر» و«الشيخ عبدالله السالم»، ليعودوا ويبسطوا نفوذهم مره أخرى على الدولة ومقدراتها خصوصاً في مرحلة اكتشاف الذهب الأسود «النفط»، ويذكر أنه في تلك المرحلة ضعفت فيها تجارة البحر بعد أن قامت اليابان بصناعة اللؤلؤ، مما أفقدهم أهم سلعة كانوا يعتمدون عليها في سيطرتهم الاقتصادية، مما جعل توجهاتهم تتجه نحو الدولة ومقدراتها، وفي محاولة منهم للسيطرة، رفعوا شعار المشاركة الشعبية في الحكم من خلال ما يعرف بالمجلس التمثيلية أو التشريعية، ولكن في حقيقة الأمر لم يكن للشعب أي صله بها لا من قريب أو من بعيد، فهم من كان يشكل أنظمتها الانتخابية، ويضع القوائم الانتخابية، والترشح لها محصور عليهم، مما أدى في النهاية إلى سيطرتهم على الدولة ومفاصلها مره أخرى، من خلال تعيين القائمين على مختلف الدوائر من أبناء جلدتهم والمحسوبين عليهم، خفضوا الضرائب، ومن ثم حيدوا الحاكم، حتى أتت نقطة الصفر للسيطرة على مقاليد السياسية وذلك من خلال ما يعرف اصطلاحاً «بالثورة البرجوازية» عندما نشب الخلاف بين الحاكم والمجلس التشريعي حول مطالبة الحاكم تسليم السلاح له بعد أن أشار عليه بذلك حلفاؤه البريطانيون، حيث تمركز التجار وحلفاؤهم والمقربون منهم في موقعين قصر نايف وسوق التجار، إلا أن ونتيجة لموروث «الشيخ مبارك الكبير» وتحديداً في مؤسسته العسكرية المكونة من أبناء البادية والكادحين وأبناء البحارة البسطاء استطاع «الشيخ أحمد الجابر» من مواجهة تلك الأحداث وكبح جماح تلك الأطماع.
    وبعد وفاة «الشيخ أحمد الجابر» تقلد مسند الإمارة «الشيخ عبد الله السالم» والذي يعتبر قريبا جداً من فئة التجار «أو الاقطاعيين» حيث اعتبرت هذه المرحلة عصرهم الذهبي، كيف ذلك؟ من خلال سيطرتهم على المفاصل الاقتصادية للدولة، لقد سيطروا على المجلس المتخصص في عملية الإعمار والتشييد، وإدارة الشركات النفطية، وغيرها، ودعمت الدولة مختلف الشركات التي أسسوها لخدمة مصالحهم وأرباحهم، وبرز أيضاً في تلك المرحلة رموز يعتبرها البعض بأنها وطنية خالصة ولكنها لم تكن إلا مجرد واجهات لفئة التجار أو الإقطاعيين، ولك على سبيل المثال في استقالة جاسم القطامي من جهاز الشرطة خير دليل على ذلك، حيث برر ذلك بأنه لا يريد مواجهة الشعب ومطالبه المستحقة «والتي هي في الأساس مطالب التجار»، علماً بأنه بعد ذلك عين مستشاراً في الديوان الأميري ومن ثم وكيلاً لوزارة الخارجية!! هذا وقد وقعت في هذه المرحلة العديد من الأحداث والصراعات بين السلطة الحاكمة وفئة التجار «أو الإقطاعيين» وكانت هذه المرحلة أيضاً تتسم بالشد والجذب بين مختلف أطراف المعادلة السياسية، حتى أتت الشعرة التي قصمت ظهر البعير بإعلان عبد الكريم قاسم ضم الكويت، وفي محاولة لإنهاء حالة الصراع على السلطة والثروة، اتفق طرفا المعادلة السياسية على وضع دستور للدولة يحدد العلاقة بينهما أي «السطة الحاكمة والتجار» والتخلص من اتفاقية الحماية البريطانية التي كانت أحد أهم المعوقات أمام التجار للسيطرة على مفاصل الدولة الاقتصادية؛ أي أن منتج الدستور ما هو إلا وثيقة إنهاء صراع وخلاف امتد طويلاً بين طرفي المعادلة السياسية، ولك في مراجعة الأحداث المتعلقة بوضع الدستور خير دليل.
    الشاهد من ذلك كله عزيزي القارئ أن دستور دولة الكويت لم يكن للمكون الشعبي دوراً في وضعه، بل هو عقد صلح بين طرفي المعادلة السياسة مستمر حتى وقتنا هذا، انظروا إلى واقعنا من هم الفئات التي تعين على رأس المؤسسات الهامة في دولة الكويت، كالشركات النفطية وهيئات الاستثمار وغيرها، لماذا التمسك بشرط الوكيل المحلي لتنفيذ المشروعات العامة للدولة؟ مما أدى إلى تأخر الكثير منها، والمناقصات الكبرى على من ترسى؟ والاحتكار وصعوبة النفاذ إلى الأسواق لمصلحة من؟، دائماً وبحسب التتبع التاريخي لا يتم اللجوء للمكون الشعبي إلا وقت الأزمات لترجيح كفة على أخرى، ولكن وقت الرخاء يتم التهميش والإقصاء للمكون الشعبي، تصفحوا التاريخ لكي تعوا حاضركم ومستقبلكم، إنه باختصار تحالف السطة مع التجار!.
    د.فيصل المناور
     
    رابط المقال
     

    الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

    «بصيص أمل»!

    عمت الفرحة الكويت ليلة البارحة بهدف تسعيني للمتألق اللاعب فهد العنزي، معلنا بذلك فوز الكويت على غريمة العراقي في ديربي الخليج، لتنطلق بعدها العديد من المسيرات لجماهير الازرق في مختلف مناطق البلاد.
    فعلا انها فرحة افتقدتها الكويت، بعد مرحلة كان عنوانها الصراع والاحباط العام، نعم انها مرحلة سلبية في تاريخ الكويت كان ابرز معالمها ضعف الأداء وتراجع الحريات، مرحلة سحبت فيها الجناسي، وضرب فيها الشعب بمختلف أدوات السلطة، قمعت الحريات، فقدت الامة فيها مجلسها الذي يعتبر متنفسها الرئيسي، اختفت الرقابة، وضعف وتردى التشريع، أقصيت الكفاءات، وسيطر فيها أهل الفساد، مشاريع معطلة، مشكلة صحية، واُخرى إسكانية، وايضا تعليمية، مجلس أمة لا يمثل الامة بل يمثل عليها، باختصار إنها الكويت الآن.
    والجدير بالملاحظة أن من أفرح الكويت وشعبها هو من فئة البدون، الذين تحاربهم الدولة حتى وصل الامر إلى حرمان أطفالهم من حق التعليم، هو يفرحنا والدولة تحبطهم، فعلا موقف بشع.
    إن فوز الكويت ليلة البارحة كان بمجهود شبابي خالص، أعطانا بصيصا من الأمل، وليعلم الجميع بأن لا نهضة ولا تقدم ولا ازدهار إلا بتمكين الشباب فهم قادة الحاضر والمستقبل، دعوا القيادة لهم، اجعلوا منهم الوزراء والقيادات على أساس الكفاءة لا على أساس «التطبيل» و«التزمير».
    رسالتي لشباب الكويت إن بلدكم لديه الكثير من الإمكانيات والقدرات والموارد، مما يجعلها قادرة على التقدم والنهوض مره اخرى، ولكن ما ينقصها هو مدى إصراركم على تغيير واقعنا المؤلم. واذكركم بقول الشاعر:
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بد أن يستجيب القدر
    ولا بد لليل أن ينجلي
    ولا بد للقيد ان ينكسر
    ----------
    رسالة الى السيد نبيل الفضل لا زلت انتظر ردكم على قبول تحديكم لمناظرة المعارضة، وأقول لحضرتكم:
    المرجلة ما هي بكلمة وتنقال
    وتروح ما راحت هبوب النسايم
    د.فيصل المناور
     
    رابط المقال

    الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

    •عجز الموازنة العامة ... مش منطق أبدا!



  • عجز الموازنة العامة ... مش منطق أبدا!
  • «مواطن مخنوق»
    كلنا تابع في الأيام الماضية تصريحات العديد من المسئولين بشأن أن الكويت مقبلة على عجز في موازنتها العامة «ما أصدق أبداً» وذلك نتيجة تقلبات الأسعار الحالية التي تشهدها أسواق النفط العالمية، ولكن حقيقة الأمر تفيد بأن الحقيقية غير ذلك إطلاقاً، هم يهولون ويضخمون الأمور إما لجهل في الفهم والمعرفة، أو لمآرب أخرى «يجوز لصرف أنظار الشعب عن قضية الشريط، أو أي بلوة أخرى»، المهم، هذه القضية «عجز الموازنة» أوضحت أننا سنستمر في حالة الضعف العام الذي يشهده البلاد في مجال إدراة شؤون الدولة والمجتمع، ولتوضيح أن قضية عجز الموازنة العامة ما هي إلا كذبة أو نكتة أطلقتها السلطة، إليكم الحقيقة في السطور القادمة، لكي نثبت بأن شباب الكويت وشعبها، واعي جداً في مجال فهم قضايا وطنه.
    نبدأ بحساب إيرادات النفط والمنتجات النفطيه، نحن نصدر حوالي 2 مليون و 750 ألف برميل نفط يومياً بمتوسط سعر 100 دولار، وهذا ما يعادل 29 مليار دينار كويتي في السنة، علماً بأننا لم نحسب فروقات البيع كمنتجات، ولم نحسب كمية ما يتم إنتاجه بالمنطقة المقسومة التي يساوي إنتاجها حوالي 130 ألف برميل في اليوم.
    أرباح الاستثمارات لدولة الكويت والمكونة من 9 صناديق ملياريه أهمها صندوق الأجيال والاحتياطي، قدرها ديوان المحاسبه بموجودات تبلغ 545 مليار دولار، وهناك تقديرات أخرى قدرتها 700 مليار دولار، هنا سنأخذ ماقدرته الدولة بمتوسط ربح 6% في السنة لنصل الى أرباح تبلغ حوالي 36 مليار دولار تقريباً، بما يعادل حوالي 10 مليار دينار في السنة.
    التحصيل الفعلي للضرائب والرسوم والغرامات مثل المخالفات والكهرباء والماء وايجارات أملاك الدولة مثل الشاليهات وغيرها تساوي 2 مليار دينار كويتي في السنة.
    وبذلك، سوف أكتفي بسرد ما سبق من مصادر الدخل «التي تم ذكرها سلفا» علماً بأن هناك مصادر كثيرة لم أذكرها وذلك اختصاراً لوقتكم، ومن ثم فإن الإيرادات العامة للدولة بناءا على ما سبق هي: 29 مليار د.ك + 10 مليار د.ك + 2 مليار د.ك = 41 مليار دينار كويتي في السنة.
    نأتي للصرف أو ما يعرف بالإنفاق العام في أكثر الموازنات صرفاً لم نتجاوز بأي حال من الأحوال 19 مليار دينار كويتي، وبذلك يكون الفرق بين دخلنا وصرفنا او إنفاقنا العام هو فائض «+ 22مليار دينار كويتي» أي أن الفائض السنوي هو 22 مليار دينار كويتي في أكثر الموازنات صرفاً أو إنفاقاً.
    متى يقلق المواطن ؟
    نقلق في حالة انتهاء الاحتياطيات المالية، ويمكن أن نقدر ذلك عندما نقوم بصرف جميع الاحتياطات المالية لمدة 15 سنة دون أن نضيف أي دينار عليها، أي أن احتياطاتنا المالية حالياً تكفينا 15 سنة قادمة بدون أن نزيد عليها دينارا واحدا، أما بالنسبة للحالة الثانية التي يمكن أن تقلقنا هي أن يصل سعر النفط 35 دولار، والتي سنحقق فيها ما يعرف بنقطة التعادل الموازنة، والتي تتساوي فيها الايرادات والمصروفات بدون أي عملية ترشيد للإنفاق او المصروفات «اي دخلنا يساوي ما ننفقه أو نصرفه».
    مما سبق، يتضح لنا ان عجز الموازنة في الكويت يحدث عندما يصل سعر برميل النفط 35 دولار، فهنا يتضح لدينا ما يعرف في تقديري الشخصي بكذبة عجز الموازنة العامة للدولة، التي يروج لها حاليا. فلتعلم الأمة أن موازنة الدولة لاتعكس الحقيقه إطلاقا فهي تحسب سعر النفط على أساس 75 دولار، وتحول منه قبل الصرف 19 دولار للاجيال القادمه «مع العلم انه يجب ان يتم تمويل صندوق الاجيال القادمة من الفوائض وليس الإيراد العام للدولة كما تفعل الحكومة الآن»، حقيقة الأمر تقوم الدولة بحساب الموازنة العامة فعليا على أساس أن سعر برميل النفط 56 دولار. كما انها تحسب الانفاق او الصرف بشكل تقديري وليس فعلي، وايضا تكرر حسابات التسوية بين مختلف الجهات الحكومي «كل ذلك ليس فعليا بل تقديريا اي توقعات وليس حقيقة» وهذا يعني باختصار ظهور ارقام مضخمه غير حقيقيه، يعني تهويل وتضخيم.
    وحتى لا نطيل عليكم، أنتم بأمان لمدة 15 سنه بدون نفط ... أو بسعر 35 دولار لبرميل النفط. أقول ذلك وأنا على أتم استعداد لمناظرة أي شخص ينفي هذا الكلام .. لأن هذه هي الحقيقة وهذا هو الواقع... نحن بلد غني جداً والملاءة المالية قوية ومتينة... لا نقبل التهويل وتزييف الحقيقة... وجعل الناس تقلق .. وهي في خير ونعمة.. مشكلتنا تكمن في سوء الإدارة وضعف فعالية السلطة.. لذلك كما أردد وأقول .. اتركوا الامر لأهله وراح «تزين الأمور».
    وكالعادة نرجع ونقول ......
    لقد أسمعت لو ناديت حياً
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    فيصل المناور

    رابط المقال
    http://www.alrayalaam.com/author/related/21/article/327/

    الاثنين، 3 نوفمبر 2014

    الازمة السكنية.. معاناة

  • الازمة السكنية.. معاناة
  • «مواطن مخنوق»
    نبدأ من هذا المقال بإطلاق سلسلة من المقالات المتصلة التي تناقش مدى معاناة المواطن الكويتي نتيجة تردي الخدمات العامة، والضعف الحكومي الواضح في تلبية احتياجاته الاساسية، وقد وضعنا لتلك السلسلة عنوان «المواطن المخنوق» وهي دلالة على عمق المشكلات ومدى تفشيها بين قطاع كبير من أفراد المجتمع.
    هذا وقد وقع الاختيار على المشكلة الاسكانية لمناقشتها في أولى مقالات هذه السلسلة عسى ان يوفقني الله في لفت أنظار المسؤولين تجاه خطورتها ومدى حدة تداعياتها على المدى البعيد.
    نعيش اليوم في بلد يعد من أغنى بلدان العالم، بلد لدية فوائض مالية كبيرة، وعدد سكان صغير، وصناديق استثمارية جبارة، ووجود دستور ينص بشكل واضح وصريح على تحقيق الحماية والأمان الاجتماعي لافراد المجتمع الكويتي، من خلال توفير كافة المتطلبات والاحتياجات التي تحقق ذلك. ولكن المفارقة هنا والتي قد يلاحظها المتتبع للشأن الكويتي بأن المواطن الكويتي يعيش في وضع غير مريح، وان متطلباته والتزاماته المعيشية تكاد تطبق على انفاسه.
    انا لا أبالغ اليوم عندما اقول بأن الموطن الكويتي ... مخنوق، فكل فرد من أفراد المجتمع يعي ذلك بل ويحس به، والدلائل كثيرة وعديدة، فيمكننا أن نرصد مظاهر ومسببات تلك «الخنقة» بكل وضوح وبساطة، أول تلك المظاهر تكمن في تراكم الطلبات الاسكانية التي وصلت كما تشير مختلف البيانات إلى اكثر من 100 ألف طلب إسكاني، مما يعني وجود أكثر من 100 أسرة كويتية لا تمتلك منزلا، وان أغلب تلك الأسر تسكن في مساكن مؤجرة، حيث تدفع تلك الأسر أكثر من ثلث دخلها على بند واحد من بنود ميزانية الاسرة وهو استئجار ذلك المسكن.
    أضف إلى ذلك الحالة الجنونية التي يعيشها القطاع العقاري في الكويت بشكل عام من خلال ارتفاع أسعار العقار لأرقام فلكية تجعل من المستحيل على المواطن ان يشتري مسكن له ولأفراد عائلته.
    ومن جانب آخر يتمتع المواطن الكويتي بميزة يحسده عليها من في الشرق والغرب وهي أن ذلك المواطن الذي لا يمتلك المسكن تصرف له الحكومة ما يعرف ببدل الإيجار - وهذا بحسب ما تدعيه السلطة وانصارها- ولكن واقع الامر الذي يقول بأن متوسط الإيجارات للمساكن التي تسكنها الاسر الكويتية هو 500 دينار كويتي تقريبا أي اكثر من ضعفي ما تصرفه الحكومة أو السلطة للاسرة كبدل للإيجار مما يعني ان ذلك البدل لا يفي حاجة المواطن في توفير مسكن يناسبه ويناسب أسرته، وهذا ايضا ما ينطبق على القرض الإسكاني البالغ 70 الف دينار وهو لا يكفي كذلك لتشييد منزل في الكويت «ولا حتى ملحق»، على اعتبار ان هذا المواطن ينتمي لبلد دخله بالمليارات.
    والغريب في الأمر ان السلطة بالرغم من ضعفها المؤسسي وعدم قدرتها على الإنجازات وكذلك ضعفها في تنفيذ التزاماتها تجاه الشعب، نجدها تفرض على نفسها القوانين والتي نتيجة ضعفها وعدم قدرتها لا تلتزم بها، وخير دليل القانون رقم 50 لسنة 2010 والذي يلزم الحكومة بتوفير المسكن للمواطن خلال خمس سنوات من تقديم الطلب الإسكاني ، وهذا بالطبع خيال وخارج عن الواقع مقارنة بقدرات الحكومة في الوقت الراهن.
    اضف إلى ذلك أيضا بأن الحكومة تحاول أن تخصص العديد من المساكن في مختلف المناطق الجديدة، ولكن حقيقة الأمر ان هذه الجهود فوضوية فكيف يتم تأسيس تلك المناطق في ظل البعد الجغرافي نسبيا عن المركز «قلب الدولة» ولا يتم خلق مراكز حضرية كفروع للمركز الرئيسي أي يجب قبل الشروع في اقامة تلك المدن أن تقوم الحكومة بتأسيس مختلف المؤسسات والهيئات التي تخدم تلك التجمعات السكانية وتوفر فرص العمل الجديدة وهو ما يعرف بالمجتمعات العمرانية.
    إن المشكلة الاسكانية هي مشكلة عميقة بالنسبة للمجتمع الكويتي، فالمسكن له خصوصية في المجتمع الكويتي، وله وظائف تميزه عن مختلف البلدان والمجتمعات الاخرى، فهو ثقافة في شكله فمثلا ثقافة المجتمع مترسخة بأن مسكن العائلة الكويتية هو عبارة عن فيلا وليس شقة في عمارة «يحقله البلد غنية وخيرها كثير». إن استمرار فشل الحكومة في هذا الملف يؤدي الى عدم رضا قطاعات عريضة من الشعب عنها مما يهدد من شرعيتها، فالشرعية تعني «رضا المحكوم عن الحاكم».
    ولكن كالعادة لن اكتفي بتشخيص الحالة والنقد، ولكني سأطرح بعض الحلول لعل وعسى أن تكون مفاتيح لحل المشكلة، كلنا يعلم ان العلة تكمن في عدم اشراك المستثمر الأجنبي لتنفيذ المشاريع الإسكانية، وأن تنفيذ تلك المشاريع مقتصرة على المستثمر المحلي «تجار الكويت، والذين هم سبب مشاكل الكويت كلها، الا من رحم ربه» وذلك على اعتبار أن هناك تحالفا سياسيا واضحا بين التجار والسلطة، بحيث تعد عملية حل المشكلة الاسكانية مهدد حقيقي لذلك التحالف لأنه بكل اختصار سيضر بفئة التجار من خلال انخفاض أسعار العقار والإيجارات ... الخ، إن أحد الحلول يكمن في فك هذا التحالف الذي أخر كثيرا من حل تلك المشكلة، واعتقد أن هذا التحالف هو السبب الحقيقي في تفشيها واستمرارها.
    رسالتي الى السلطة ، شعب الكويت يعاني من تأخر حل المشكلة الاسكانية واصبح يعاني نفسيا ومعنويا وماليا، فكم من حالة طلاق كانت نتيجة هذه المشكلة، وكم من خلاف بين الاسر قد حدث ووقع بسبب ذلك أيضا مما أدى إلى تفككها، وكم وكم وكم....
    قلت ما عندي ولكن واقع الامر:
    لقد اسمعت لو ناديت حيا
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    وللحديث بقية....
    د. فيصل المناور
    رابط المقال
    http://www.alrayalaam.com/author/related/21/article/298/