الأحد، 4 يناير 2015

•حرق الشعب .. بـ «الديزل»!

  • حرق الشعب .. بـ «الديزل»!
  • كلنا تابع قرار الحكومة الأخير والذي يقضي برفع تسعيرة الديزل، والذي يعد أحد أهم مصادر الطاقة المحركة للعديد من الآليات والمعدات التي تسخدم في العديد من القطاعات كالبناء والتصنيع والنقل وغيرها، وهي بداية حقيقية لرفع الدعم عن كثير من السلع والخدمات في المستقبل القريب بل والقريب جداً، وذلك دون دراية أو قد يكون عن جهل أو قصد متعمد.
    هل تعلم الحكومة بأن هذا الرفع غير المدروس قد يؤدي إلى مزيد من الالتزامات التي ستترتب على المواطن؟ وهل تعلم أن هذا الرفع لتسعيرة الديزل سيؤدي إلى ارتفاع أسعار مواد البناء؟ ومن ثم أسعار نقل تلك المواد؟ ومن ثم ارتفاع تكلفة امتلاك مسكن؟ ألم تقل الحكومة -على لسان وزير الدولة لشؤون الإسكان- بأنها تسعى لحل أزمة السكن؟ ولكن هذا الإجراء سيزيد من معاناة المواطن وسيعمق من تلك الأزمة، وهل تعلم أن المواطن ينفق اليوم نحو ثلث راتبة كقيمة ايجار مسكنه، وأن أسعار البناء تضاعفت لأكثر من ثلاث مرات في آخر عشر سنوات، وان هناك ارتفاع جنوني في أسعار العقار لا يمكن رصده؟ ثم تأتي الحكومة بكل بساطة لترفع أسعار الديزل الذي يعتبر المحرك الرئيسي لكل عملية تشييد المنازل، اضف الى ذلك ان كل سلعة تصنع بآليات ومعدات يستخدم فيها الديزل لتحريكها سيتضاعف سعرها، فهنا يظهر لنا ان المواطن سيدفع تكلفة ذلك.
    لماذا تكلفة الديزل في دولة كالسعودية تصل الى 21 فلس تقريبا بينما تصل في الكويت الى نحو 170 ولا يفصلنا عن المملكة سوى بضعة كيلو مترات، نفس التضاريس ونفس التقنيات المستخدمة في عملية استخراج وتصنيع الديزل! مع العلم ان هذا الرفع لسعر الديزل على الأفراد فقط من خلال محطات تزويد الوقود، ولكن الشركات لم يرفع عليها السعر، وان رفع سعر الإسمنت أتى بتصرف من الشركات وهي لم تمس في عملية رفع تسعيرة الديزل مما يوضح مدى جشع تلك الشركات في ظل غياب دور وزارة التجارة في عملية ضبط الاسعار ومحاربة الغلاء «أبوي ما يقدر إلا على أمي».
    أعتقد بأن السلطة تسعى لمعاقبة المواطن من خلال ادارة سمتها الفشل، فلم تكتفي بعملية التهميش وتقويض المشاركة الشعبية، وخطف مجلس الأمة من الأمة، بل انها بدأت الآن بمس الاحتياجات الأساسية للمواطنين، من خلال خطط التقشف غير المبررة، ودعوات فرض الضرائب والرسوم، ورفع الدعم، مع العلم ان لدينا في الكويت نحو 37 الف اسرة مصنفة من الاسر ذات الدخل المحدود، فهل تسعى الدولة لخلق فئة أوشريحة جديدة تسمى بشريحة الفقراء بشكل صريح في بلد المليارات، فإذا كانت السلطة تسعى من وراء تلك الاجراءات لسد العجز الكاذب الذي تدعيه فعليها محاربة الفساد، والهدر في الموازنة العامة، ومحاسبة الشركات التي لا تنفذ مشاريعها «ربع استاد جابر»، ويكون لديها إدارة مالية احترافية، وتفرض بعض الرسوم على التجار، وليس كما تفعل بالتضييق على المواطن.
    ولكن كما قلتها منذ فترة ستتجرأ السلطة على مَس الاحتياجات الاساسية للمواطنين لأننا سمحنا لهم بالصغائر فجاء الدور على الكبائر والديزل هو البداية فقط ، ولكن اقول للسلطة لتحذر من اللعب بالنار فمن الممكن أن يصبر الفرد على العيش بدون ديمقراطية لفترة ولكن لا يتحمل العيش ولو للحظة عند المس باحتياجاته الاساسية، التاريخ يقول ذلك.«عيش- حرية - عدالة اجتماعية».
    ولكن كما يقال:
    لقد اسمعت لو ناديت حيا
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    د.فيصل المناور
    رابط المقال

    الاثنين، 29 ديسمبر 2014

    مجرد رأي في مسألة علمنة المجتمعات الاسلامية !

  • مجرد رأي في مسألة علمنة المجتمعات الاسلامية !
  • كلنا يتابع منذ فترة أن هناك حملة شرسة على كل ما هو متصف بالصبغة الاسلامية، هذه الحملة أستطيع ان اطلق عليها من وجهة نظر شخصية «مشروع علمنة المجتمعات الاسلامية»، وهو ايضا ما تم تناوله من قبل المفكر الاسلامي الكبير «سيد قطب» «رحمه الله» عندما قال مقولته الشهيرة «انهم يريدون إسلاما أمريكيا اسرائيليا يستفتى في نواقض الوضوء ولكنه لا يستفتى في اوضاع المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، نعم انه واقع مؤلم. كيف يحدث ذلك؟
    اعتقد ان مشروع «علمنة المجتمعات الإسلامية» قد بدأ بالفعل باجراءات ترجمت على أرض الواقع كلنا يعيشها حاليا حيث استخدم اصحاب هذا المشروع لتحقيق اهدافهم نفس الأدوات التي استخدمت في علمنة المجتمعات الغربية، وذلك من خلال إفساد المؤسسات الدينة النصرانية «بالمال»، وجعلها السبب الرئيسي في تخلف الغرب، حتى فصلوا الدين عن الدولة، ولكن في تنفيذ مشروع علمنة المجتمعات الإسلامية كانت المداخل مختلفة، اذن ما هي المداخل؟
    اعتقد ان المدخل الأول هو القضاء على ما يعرف بالحركات الاسلامية المعتدلة، والسماح لحركات أخرى اكثر تشددا بأن تنشط وتكسب مساحات وقتية ومن ثم توجيه الآلة الإعلامية لتشويه صورة الاسلام، ثم الانطلاق نحو القضاء عليها بحجه الارهاب ولك خير دليل على ذلك في محاولات القضاء على حركة الاخوان المسلمين، وإعطاء «داعش» الضوء الأخضر للتمدد وتصيد الأخطاء لتشويه صورة الاسلام والمسلمين ومن ثم التحرك للقضاء على «داعش» وهو مطبق حاليا، فيتم بذلك القضاء على كل الحركات الاسلامية، وابقاء نوع واحد من تلك الحركات الذي يهتم بنواقض الوضوء على حساب أحوال المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذا بالاضافة الى التأثير على مختلف الحركات الاسلامية وحثها على تغيير خطابها الدعوي والذي هو أساس وجودها ووظيفتها الى خطاب سياسي محض يعتمد في أطروحاته بشكل غير مباشر على الميكافلية «الغاية تبرر الوسيلة» وكذلك في بعث روح التراخي في بعض أحكام الشريعة وخصوصا في مسألة فصل الجهاد عن الإسلام وتصويره على انه ارهاب وهذا ما يناقض قول الله تعالى:
    (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ ).
    اما المدخل الثاني فيكمن في القضاء على اللغة العربية، وصرف الاهتمام عنها، وعن فهمها، وذلك من خلال حركة في شكلها العام ثقافية ولكن في مغزاها تدميرية، حيث انتشر في الآونه الاخيرة الاهتمام بتعميم اللغات الأجنبية في مختلف مراحل التعليم، وهذا امر مطلوب ولكن ليس على حساب اللغة العربية لغة الاسلام، فالكل يعي ان المجتمعات الاسلامية تكمن مرجعيتها في تعاليم الشريعة السمحاء، وهو ما يستلزم التعمق في فهم اللغة لكي نفهم تلك المرجعية ، يقول تعالى في محكم التنزيل (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) كما قال تعالى ايضا (وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) ان تلك الآيات الكريمة تبين ان على المسلم التعمق في فهم اللغة العربية لكي يفهم مرجعيته وتعاليم دينه، ولكننا نعاني اليوم من هجمة شرسه على هذا النحو، حيث بدأ تشويه اللغة من خلال ابعاد الناس عنها، وتصويرها بأنها لغة جهل، سواء في مدارسنا او جامعاتنا او مجالسنا او أعمالنا، وحتى في اُسلوب حوارنا، فاليوم كما تقول أ.د. وسمية المنصور، استاذة اللغة العربية في جامعة الملك سعود بالرياض، بأنه دخل علينا ما يعرف اصطلاحا بمفهوم «العربيزي» وهو عبارة عن كتابة النص العربي باللغة الانجليزية، وتم بذلك تغيير حروف اللغة مثل حرف العين«ع»اصبح يأخذ الرمز «3» وحرف الطاء «ط» يأخذ الرمز «6» وهكذا، ان هذا الامر له ابعاد خطيرة على اللغة واستخداماتها ، فعندما نبتعد عن اللغة العربية فالنتيجة الحتمية ستكون الابتعاد عن هويتنا وديننا. فبذلك يتم فصل الفرد عن دينه ومن ثم فصل الدولة كلها عن الدين.
    ويجب علينا في هذا السياق، أن نشير الى ان الحضارات والمجتمعات القديمة والحديثة، يقاس نجاحها وتطورها كلها بإنجازاتها التنموية والتكنولوجية والعسكرية والثقافية والعلمية، إلا الحضاره الاسلاميه تقاس بمدى تمسكها بدينها لأن تمسكها بدينها يجعلها تتميز بكل الفنون والعلوم وتحقيق متطلبات التقدم والإزدهار والتاريخ خير دليل على ذلك.
    الشاهد من ذلك كله، أننا وبكل أسف أصبحنا ننجرف إلى تلك المداخل والأطروحات وننفذها دون وعي أو أدراك، مما سيؤدي في نهاية الأمر إلى علمنة المجتمعات الاسلامية، وفصل الأفراد عن مرجعيتهم، فبذلك تسود قيم الإستهلاك، والشهوة، والمادية، والأنا، وهي قيم علمانية بحته، إنه لواقع مؤلم جداً، وهذا ما يذكرني بقول سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه وأرضاه ‏‏(نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)
    ولكني في نفس الوقت أراهن على فشل ذلك المشروع مستنداً على سلامة فطرة المسلم، وكذلك قول الله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
    د.فيصل المناور
    رابط المقال

    الأحد، 28 ديسمبر 2014

    السلطة في الكويت.. عندما «تنجح..تحزن»!..«الأكثر قراءة هذا الأسبوع»

  • السلطة في الكويت.. عندما «تنجح..تحزن»!..«الأكثر قراءة هذا الأسبوع»
  • كتبت مقالا سابقا بعنوان «عجز الموانة الكويتية مش منطق أبداً»، تصديت فيها لأكذوبة أن الموازنة الكويتية ستواجه عجزاً خطيراً نتيجة تراجع أسعار النفط العالمية، وذلك من خلال طرح العديد من الأرقام والاحصائيات الصادرة من مختلف الجهات التابعة للسلطة، والتي تؤكد مدى قوة الملاءة المالية للدولة، وهذا ما تؤكده أيضاً مختلف التقارير الدولية، ففي تقرير وكالة «فيتش العالمية للتصنيف الائتماني» الأخير أكدت بأن تصنيف دولة الكويت الائتماني السيادي لعام 2014 قد حصل على مرتبة «A.A» مع نظرة مستقبلية مستقرة «وهو أعلى تصنيف تمنحه المؤسسة في تقيمها للوضع الائتماني لمختلف الدول»، حيث توقعت الوكالة بأن تستمر الفوائض المالية لدولة الكويت عند نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي لغاية عام 2016، حيث قدرت الوكالة سعر برميل النفط عند نقطة التوازي للموازنة العامة والحساب الجاري عند 48 دولار و 40 دولار للبرميل، وهذا ما تم تأكيده في مقالي السابق بأن لا خوف على الكويت حتى لو وصل سعر بيرميل النفط عند 35 دولارا. إن هذه التقارير والتأكيدات يجب أن تكون مفرحه للسلطة، وأن تعمل على تعزيزها وتتفاخر بها، ولكن واقع الحال يقول عكس ذلك، فمن الواضح أن السلطة تحزن عندما تنجز وتنجح في أي أمر.
    لقد انعكس حزن السلطة لتحقيقها إنجازا نسبيا استطاعت من خلاله المحافظة الموازنة العامة لدولة الكويت من أخطار العجز، في التضارب الكبير لمختلف تصريحات مسؤولي الدولة بهذا الشأن فمنهم من يهول ويضخم الأمر، ويصف بأن الوضع خطير «كالسكين وصلت العظم، وأن نفس السكين أيضاً طافت العظم»، وهناك أيضاً من يطمئن على استحياء بأن الكويت لن تتأثر من انخفاض أسعار النفط العالمية «أرسولكم على بر ذبحتونا». هذا التضارب الواضح يؤشر إلى أن هناك أزمة تعيشها السلطة اليوم في إدارة شؤون البلاد والعباد، نعم أزمة إدارة أدت إلى تراجع الكويت على جميع المستويات، فبعد أن كنا درة الخليج أصبحنا للأسف ماضي الخليج، فالأموال والإمكانيات متوفرة، والشباب الرائع كثر، ولكن ما ينقصنا القدرة على الإدارة، حتى وصل الأمر أن السلطة قد تعودت على الفشل، وأن يقال لها بشكل دائم يافاشلة، وأن مفهوم الإنجاز والنجاح أصبح خارج قاموسها، فعلاً إنه أمر محزن ومخجل.
    نعود لمربط الفرس تعيش السلطة كما أسلفنا أزمة إدراة. كيف ذلك؟ كلنا يعي أن الكويت مرت بما يربو عن عقد من الزمان حققت فيه العديد من الفوائض المالية الكبيرة، ولكن للأسف هذه الفوائض لم يتم استغلالها وإدراتها بشكل يدفع بالجهود التنموية نحو التحقيق، ولك أن تعرف عزيزي القارئ بأن الكويت تعد أقل دول مجلس التعاون الخليجي إنفاقاً على المشاريع العامة، بالرغم من أنها أكثر الدول تحقيقاً للفوائض المالية، ولك أن تعلم أمر غاية في الأهمية أن تلك الفوائض المالية ماهي إلا دليل فشل الدولة على إنجاز المشروعات، لأن إنجاز المشروعات مقترن بتمويلها والصرف على تنفيذها، ففي حال عدم أو ضعف الإنجاز تتراكم الفوائض، فكلنا يعي أن آخر مستشفى حكومي متكامل تم إنشاؤه قبل أكثر من 25 عاما، وليس لدينا إلا جامعة حكومية واحده، وهناك أزمة سكن، وبنية تحتية مترهلة.
    ولك أيضاً عزيزي القارئ أن تعرف بأن المواطن الكويتي لم تتحسن حالته المعيشية، هناك أكثر من 31 ألف أسرة كويتية من ذوي الدخل المحدود، وأنها تعتمد على المساعدات والدعم الحكومي، وأن هذه الشريحة في إزدياد، والذي لو تقلص أو انخفض «الدعم» الموجه إلها سيحولها من شريحة ذوي الدخل المحدود إلى شريحة الفقراء، وهناك أيضاً أكثر من 316 ألف مواطن يعاني من الديون لصالح المؤسسات المالية، مما أثقل كاهله وقدرته على الإستهلاك، ولك أن تعرف بحسب آخر التقرير أن القدرة الإنفاقية للمواطن الكويتي قد انخفضت بنسبة 8% بالرغم من الفوائض المتحققه، صحيح أن السلطة تدعم الأسر بمبلغ 150 دينار كبدل إيجار، ولكن السؤال المطرح ما هو متوسط أسعار إستئجار المسكن؟ أعتقد أنه وصل إلى 400 دينار كويتي في المتوسط. أضف إلى ذلك أن الدولة يكلفها الطالب نحو 4500 دينار كويتي في مختلف مراحل التعليم الأساسي الحكومي سنوياً، وبالرغم من هذا الانفاق الكبير نسبياً إلا أن جودة ومستوى التعليم منخفضة، مما دفع الكثير من الأسر إلى إلحاق أبنائها بمدارس القطاع الخاص وتكبدها التزامات مالية أخرى رغبة منهم في تحصيل علمي أفضل للأبناء، علماً بأن هناك اليوم نحو 100 ألف طالب كويتي ملتحقين بالمدارس الخاصة، وهذا الأمر أيضاً ينطبق على القطاع الصحي وغيره من القطاعات.
    خلاصة القول إننا في الكويت نعيش أزمة إدارة بالرغم من توافر الأموال والإمكانيات والشباب المؤهل، نعم سلطة غير قادرة على تنفيذ التزاماتها، غير قادرة على التطوير، والإنجاز، سياسات متعثرة، ومشروعات متعطلة، إن تلك الأمور أدت إلى تراجع الكويت، فلذلك نقول للسلطة إن الشرعية كما تدرس وتفسر هي «رضا الشعب عن من يدير شؤونه»، وأن هذا الرضا مرتبط بشكل جلي بالإنجاز، فلذلك أنجزوا يرحمكم الله.
    ولكن كما يقال:
    لقد أسمعت لو ناديت حياً
    ولكن لا حياة لمن تنادي!
    د.فيصل المناور
    رابط المقال

    السبت، 13 ديسمبر 2014

    •الساحة السياسية من منظور شبابي

  • الساحة السياسية من منظور شبابي
  • الساحة الشبابية من منظور شبابي، هو عنوان لندوة أقيمت في ديوان «عائلة المناور» في تاريخ 8 ديسمبر 2014، والتي اعتبرها كثير من المراقبين أنها انطلاقة نحو خطاب سياسي جديد، يختلف عن ما سبقه من خطابات، حيث إنها كانت عبارة عن محاولة جادة لتسلط الضوء على عدد من الاختلالات التي تعاني منها العلاقة التي تحكم الفرد بالدولة. والتي حاول المتحدثون «الشباب» الانطلاق منها لتكوين ملامح ذلك الخطاب الجديد.
    ويمكنني من خلال السطور القادمة أن أستنبط أو أحدد ملامح ذلك الخطاب من خلال تلك الكلمات التي طرحها هؤلاء الشباب، في اعتقادي الشخصي يتكون الخطاب السياسي الشبابي الجديد من ثلاثة منطلقات أساسية، وهي؛ إعادة تحديد مفهوم الموطنة، والذي هو في واقع الحال يتمثل في علاقة التبعية «أي تبعية الشعب للسلطة» حيث يتجلى ذلك من خلال قدرة السلطة على فرض إرادتها على الشعب دون أي اعتبار لإرادته ورغباته وهذا ما يعرف إصطلاحاً بالدولة الرعوية أو الأبوية، وهو بعيد كل البعد عن الأسس السليمة لمفهوم الديمقراطية، والذي يتجلى أهم أسسه في عملية المشاركة والتشريك، فليس من المقبول أن تكون عملية سحب الجنسية أو منحها وفق أهواء السلطة ورغباتها، دون قيد أو إجراءات تنظمها نابعة من إرادة الشعب ومتفق عليها، فهنا يتضح بأن مفهوم المواطنة محتكر بيد السلطة فقط تمنحه لمن تريد وتحجبه عن ما لا تريد، ولذلك يطرح الشباب بأن مفهوم المواطنة بحاجة إلى إعادة نظر وإعادة تحديده بما يتفق مع الأطروحات الديمقراطية النابعة عن إرادة الشعب لا السلطة.
    أما المنطلق الثاني للخطاب السياسي الجديد النابع من الرؤية الشبابية فيكمن في إيجاد آليات جديدة لتوزيع الثروة؛ فكلنا يعي ويعرف بأن دستور 1962 ما هو إلا نتاج لعملية تصالحية بين السلطة والتجار لفترة طويلة شهدت صراعا بينهما من أجل السيطرة على السلطة والثروة ومزيد من النفوذ، مما أنتج لدينا عدالة اجتماعية ضعيفة وهشة لا تراعي المساواة في توزيع الفرص والثروة، وأن المطالبات التي برزت في الفترة الأخيرة كانت منصبة على إيجاد آليات تحد من الفساد وتراعي توزيع الثروة بين المواطنين، ولكن في وجهة نظري الشخصية أن تلك المطالبات لم تكن محددة بشكل واضح ودقيق، إلى أن قام الشباب من خلال ندوتهم الأخيرة بطرح آليه واضحة لذلك تكمن في أن عدالة توزيع الثروة يجب أن تكون من خلال عملية تنموية سليمة تضمن توافر مختلف الخدمات العامة كماً ونوعاً، أي أنها ذات جودة عالية، تنافس بها ما يقدم بالقطاع الخاص، كما يحدث في دولتي الإمارات وقطر، وهو ما يقصد به إنشاء جامعات جديدة، والإنفاق على تأسيس منظومة تعليمية متميزة ومتقدمة، وتوفير السكن اللائق، ورفع الرواتب لضمان العيش الكريم للمواطن، ومنظومة صحية متطورة، وغيرها من مكونات العملية التنموية ذات الكفاءة والفعالية.
    أما المنطلق الثالث لهذا الخطاب الجديد، فيتجلى في إعادة النظر في الدستور، فليس من المنطق أن تستمر نفس المبادئ الدستورية التي تحدد شكل الدولة وعلاقة المحكوم بالحاكم لمدة تزيد عن الخمسين عاما، الأفكار تغيرت، ومستوى التعليم ارتفع، المصالحة تشابكة وتعقدت، والطموحات والآمال اختلفت، لذا قدم الشباب في خطابهم هذا ما يعبر عن أحد متطلبات العصر والمرحلة الحالية والتي تكمن في ضرورة زيادة المشاركة الشعبية، وذلك من خلال إتاحة الفرصة للناس ليقرروا من سيحكمهم وعلى أي مبادئ، وليراقبوا وينتقدوا ويحاسبوا السلطات، وليعبروا عن آرائهم من خلال صحافة حرة، وليقرروا الانضمام لمختلف الأحزاب السياسية. وكذلك ضمان فرص السجال السياسي والمعارضة والنقد وحرية المشاركة السياسية، بعيداً عن القبضة الأمنية التي هي أحد أهم السمات التي تتعامل بها السلطة.
    لذا قدم الشباب رؤيتهم والتي تكمن في أن هناك العديد من الاختلالات على مستوى توفير السكن للمواطن، وضعف المنظومة التعليمية، وتردي مرافقنا الصحية، وغيرها، فوجدوا بأن الخلل يظهر في مسألة ضعف القدرة والإدارة لأجهزة الدولة، والحكومة، وهم بذلك يرون بأن الحل يكمن في إيجاد أسلوب جديد لإدارة الدولة من خلال إعادة النظر في الدستور الذي ينظم الدولة، وحكومة يختارها الشعب لتدير شؤونه يستطيع أن يحاسبها ويقرر مصيرها، ويكون ولاؤها للشعب ترسيخاً لمبدأ الشعب مصدر السلطات.
    هذا هو الخطاب الجديد، الذي قد يكون أرضية جديدة يمكن الانطلاق منها، لحراك شبابي صادق نحو مزيد من الاصلاحات لمواكبة متطلبات التطور والازدهار، فلم تعد الأساليب القديمة لإدارة الدولة القائمة على التبعية المطلقة تنفع وتفيد فالعصر اختلف، وأساليب الإدارة تغيرت، فلذلك أدعو الجميع سلطة ومعارضة أن يصغوا للشباب فهذا زمانهم، وهذا خطابهم، فلا نريد صراعا معهم بل نريد احتضانا لأفكارهم ورؤاهم فهم الحاضر والمستقبل.
    ولكن كما يقال
    لقد أسمعت لو ناديت حياً
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    د. فيصل المناور
    رابط المقال

    الاثنين، 8 ديسمبر 2014

    •«الخطاب السلطوي.. والرد الشعبي».. الحكومة المنتخبة نموذج

  • «الخطاب السلطوي.. والرد الشعبي».. الحكومة المنتخبة نموذج
  • دائما ما تحاول السلطة في العادة من السيطرة على قنوات الرأي العام والإعلام وذلك بهدف بث خطابها السياسي، والذي في أغلب الأحيان ما يكون عبارة عن بيع للوهم والأوهام.
    ولكن دائما ما يكون ايضا هناك من يقف لها بالمرصاد، ويكشفها من خلال تفكيك هذا الخطاب السلطوي، ولعل الاحداث الاخيرة التي عصفت بالكويت خير دليل ومؤشر على ذلك.
    فعندما ارتفعت الاصوات المنادية بوجوب التحول الديمقراطي الحقيقي واقرار ما يعرف بنظام الحكومة المنتخبة، قامت السلطة بتوجيه خطابها لمواجهة تلك الاصوات، وذلك عن طريق خطاب كان ابرز مفرداته التخوين وضعف الانتماء وما إلى ذلك، وحتى لو كان بصورة غير مباشرة، ووجهت الاتهامات للمنادين بالحكومة المنتخبة بأنهم كذلك مؤزمون ومزدوجون ويسعون إلى ضرب النسيج الاجتماعي والتخريب وغيرها من الاتهامات، وحاولت ايضا بأن تحقر تلك الجهود المنادية بمزيد من المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار عن طريق اقرار الأحزاب والحكومة المنتخبة، من خلال استخدام وحشد كل أدواتها من وعاظ السلاطين وأبواقها وقنواتها الإعلامية الفاسدة، اي ان خطابها كان قائم على التشكيك بالآخرين.
    للأسف لم تتعامل السلطة باحترافية وعقلانية مع هذه المطالب الداعية لتطبيق الحكومة المنتخبة، حيث تبرز مكامن العمل الاحترافي والعقلاني في السعي الحثيث لمعرفة ما هي الاسباب التي أدت لتلك المطالب؟ وهل هذه المطالب مستحقة؟ وهل في حال تطبيق الحكومة المنتخبة ستتحسن الامور؟ وهل ذلك في مصلحة الكويت العامة؟ ان تلك التساؤلات من شأنها ان ترسم لنا صورة واضحة حول موضوع الحكومة المنتخبة ومدى جدواها.
    وبذلك سأحاول في السطور القادمة الرد على الخطاب السلطوي المشكك في تلك المطالبات واصحابها، لان خطابها من وجهة نظري الشخصية ما هو إلا انعكاس لتفكير يحاول السيطرة على مكاسب مادية معينة اي ان المصلحة هنا تدور في فلك الشخصية لا العمومية. كيف ذلك؟
    كلنا يعي وبعد اكثر من 50 سنة من وضع الدستور، ان الأوضاع في الكويت تزداد سوءا، على مستويات عدة، فكيف يعقل ان بلدا تعداد مواطنيه تقريبا 1.2 مليون نسمة يعاني من مشكلة إسكانية، حيث انه لدينا ما يقارب 100 ألف اسرة كويتية لا تملك مسكنا في ظل تدفقات مالية ضخمة تتمتع بها البلاد؟! كيف يعقل كذلك ان تكون الخدمات العامة بهذا التردي الكارثي؟! المستشفيات الحكومية متهالكة، وجودة التعليم في انحدار، والمرافق التعليمية محدودة، السلطة تبني المدن الجامعية في اليمن وسريلانكا ومنغوليا وفي الكويت لا يوجد الا جامعة واحدة يتكدس بها طلاب الكويت، مع العلم ان الحاجة ماسة لإنشاء جامعة اخرى، لدينا اكثر من 30 ألف طالب كويتي يدرس خارج الديار، اضف الى ذلك تفشي الفساد، فهل تعلم ان نحو 82٪ من القضايا المتعلقة باختلاسات المال مصيرها للحفظ كما حدث في قضية الإيداعات والتحويلات، اضف الى ذلك أيضا غياب مفهوم المواطنة واختلاق مشكلات تضرب النسيج الاجتماعي، الجويهل وسحب الجناسي مجرد أمثلة، ماذا حدث لمسارحنا، والحركة الثقافية، ودور المدرسة بالتنشئة، بيئة اقتصادية تحتكرها خمس عوائل تجارية متحالفة مع السلطة، هي من تحتكر المناقصات والامتيازات الاقتصادية، تهميش اجتماعي واضح، الكويتيون البدون مجرد حالة، وتهميش سياسي آخر لكل معارض، محسوبية منتشرة، ضعف السياسات، وجهاز إداري مترهل تغزوه أمراض البيروقراطية، قتل روح المبادرة والابتكار، وغياب الشفافية والافصاح، وغيرها الكثير من المظاهر.
    فهل بعد كل ذلك ليس من حقنا ان نطالب بحكومة منتخبة كحل وبديل ينتشلنا من ذلك الواقع المزري، أليس في البلاد من هم مؤهلون قادرون على قيادة الدفة.
    نعم هكذا يجب ان نرد ونواجه ذلك الخطاب السلطوي القائم على التشكيك والتخوين، الانجاز المفقود والفشل المستمر هو من دفعنا لنطالب بحكومة منتخبة، ليس من باب الترف، بل من باب إرساء قواعد المصلحة العامة، فمصلحة الكويت تبقى هي الأهم.
    ويجب ان نعي جميعا بأن الانجاز هو المعيار الحقيقي لشرعية اي نظام سياسي، فلا شرعية دون إنجاز ، لان الشرعية تعني رضا المحكوم عن الحاكم، فلماذا لا تسعى السلطة لتقديم خطاب يدعو للحوار وإشراك الكفاءات لرسم خارطة طريق نهضوية، يكون شعارها العريض الانجاز، فالكويت إمكانيات وموارد وشباب، لماذا لا تنتهج السلطة نهج الانجاز بدل الاقصاء والتهميش، ألا تستحق الكويت منها ذلك؟.
    إنني في هذا المقال أدعو السلطة لفتح صفحة جديدة، تهدف إلى تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، وتحقيق متطلبات التقدم والازدهار، فبلدنا جميل ورائع ولكنه متعب ومريض، يحتاجنا جميعا لمعالجته ووضعه على الطريق الصحيح مره أخرى.
    ولكن كما يقال:
    لقد أسمعت لو ناديت حيا
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    د.فيصل المناور
    رابط المقال

    الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

    •ضعف الرقابة للسيطرة..منهج فاسد ومفسد!

  • ضعف الرقابة للسيطرة..منهج فاسد ومفسد!

  • منذ فترة وكلنا يتابع الاحداث والتفاعلات السياسية والتي كانت ما بين شد وجذب بين السلطة والموالاة من جانب، والمعارضة ومناصريها من جانب آخر، ولكن ما استطعت أن أرصده هو أن هناك مخططا واضحا وصريحا لإضعاف كافة الأدوات والممارسات الرقابية سواء الرسمية أو غير الرسمية، من أجل مزيد من السيطرة والتحكم من قبل السلطة والموالاة.
    ولك في ذلك العديد من الأمثلة والأدلة والتي سنقوم بسرد بعضها لكي يعي الشعب هذا الخطر الذي نعيشه والذي سيؤثر تباعا على الدولة ومقدراتها.. نبدأ ذلك من قيام السلطة ومجموعة الموالاة في تحجيم الأداة البرلمانية التي تعد أحد مصادر قوة البرلمان في مواجهة السلطة ألا وهي أداة الاستجواب، وذلك بقيامهم بحسب قولهم بسن سنة حميدة «بل هي سنه خبيثة وقذرة» في شطب محاور الاستجوابات وهي مخالفة صريحة وواضحة للمادة «100» من الدستور، ولم يكتفوا بهذا الأمر بل سبق ذلك تقويض ما يعرف بالرقابة الشعبية ويتبين ذلك من خلال عدة أمور أولها اتباع السلطة نهج التفرد بها برعاية وتطبيل وتزمير الموالاة، من خلال القيام بإقرار ما يعرف بالصوت الواحد والذي قلل من قدرة الشعب على اختيار ممثلية في البرلمان مما يعطي السلطة أريحية تامة في صعود الموالين للمقاعد البرلمانية اضافة إلى تمثيل الوزراء والذين يمثلون ثلث البرلمان مما يعزز من سيطرتهم على قرار البرلمان، وكذلك قامت السلطة بإضعاف المجتمع المدني ودوره في الرقابة على السلطة والذي يكمن دوره في عملية التنبيه ورصد الاختلالات والممارسات التي قد تكون منحرفة عن مسارها الصحيح، ليس ذلك فحسب بل ذهب الموالون للسلطة لأبعد من ذلك بقيام عدد من أعضاء البرلمان الصوري او الحكومي ان صحت التسمية في اقتراح تشريع جديد ينسف تاريخ الحركة الطلابية من خلال قانون لتنظيم الانتخابات الطلابية، فهو مقترح لقانون كان ابرز مفرداته «يحظر على عضو الاتحاد كذا وكذا وكذا» فهو باختصار قانون حظر وليس قانون تنظيم، ويمنع ايضا القانون من ان يطل على الطلاب في كل سنة عرسهم الديمقراطي ويحدد مدة الاتحاد الطلابي بثلاث سنوات «اي ان انتخابات الطلابية تكون كل ثلاث سنوات» وان حل ذلك الاتحاد بيد الادارة الجامعية وليس من خلال الجمعية العمومية للطلاب، وان الانتخابات تكون بنظام الصوت الواحد «الأعور» مما يحرمنا من صقل وظهور قادة المستقبل، لديهم القدرة على العمل الجماعي.
    إن تلك الاحداث والمظاهر ما هي إلا انعكاس لأمر غاية في الأهمية وهو ان هناك مخططا واضحا لقمع وطمس كل أداة او قناة رقابية على اعمال السلطة، ولك أيضا في إغلاق قناة عالم اليوم دليل آخر، ماذا عن محاسبة القبيضة؟ وابطال التحويلات المالية؟ ماذا عن محاسبة من يؤخر تنفيذ المشروعات؟ ويختلس الاموال العامة؟
    كلها امور تدعني أشكل في ذهني ملامح المرحلة... والتي قد أضع لها عنوانا عريضا... بأننا دولة بلا رقابة. لقد انتشر الفساد نتيجة تلك الممارسات المنحرفة بشكل اصبح الفاسد فيه يتفاخر بفساده واصبح الفساد قيمة بدلا من ان يكون عيبة او سبة في جبين صاحبه، هل تعلم أن المؤشرات الدولية كافة تدلل على ان جهود السلطة في مكافحة الفساد ضعيفة؟ وان الرقابة دون المستوى.
    فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد ان الكويت قد حصلت على 35 نقطة من اصل 250 نقطة على مؤشر محاربة الفساد الصادر عن البنك الدولي في عام 2012، مما يدل ايضا على ضعف المساءلة وهذا ما يؤكده كذلك مؤشر التعبير والمساءلة الصادر عن البنك الدولي في عام 2012، حيث حصلت الكويت على 50 نقطة سالبة «-50» من اصل 100 نقطة موجبة، وغيرها الكثير من المؤشرات الدالة على ضعف عملية الرقابة والمساءلة.
    إن هذا الوضع لن يزيد منظومتنا إلا تراجعا وترديا... وهذا ما لا يرضي اي مواطن محب لوطنه، ولكن السلطة واتباعها دائما ما يراهنون على امر محوري وحاسم في استمرا هذا النهج وهو الضعف الشعبي وعدم مبالاة الشعبوية ، فمن أمن العقوبة أساء الادب، فلذلك أطرح على الشعب هذا التساؤل..ماذا انتم فاعلون؟.
    د.فيصل المناور
    رابط المقال
     

    الأحد، 30 نوفمبر 2014

    تاريخ الكويت «صراع على الثروة والسلطة .. بأقلام شبابية»!

  • تاريخ الكويت «صراع على الثروة والسلطة .. بأقلام شبابية»!
  • «الأكثر قراءة هذا الأسبوع»
    صدر كتاب مؤخراً عن دار مسعى للنشر والتوزيع، يحمل عنوان «الكويت .. جدلية الصراع الثروة»، يحكي هذا الكتاب تاريخ الكويت السياسي والاقتصادي بمنهجية نقدية، مركزاً على ثلاثة مراحل مختلفة في تاريخ الكويت «بدأت بفترة حكم الشيخ مبارك الكبير، مروراً بفترة حكم الشيخ أحمد الجابر، وصولاً لفترة حكم الشيخ عبدالله السالم».. لم نألفها من قبل، فجميع المصادر التاريخية التي كانت تكتب من قبل تركز على الأحداث دون الدخول في تفاصيلها ونقدها وتحليلها تحليلاً رصيناً منضبطاً، مما جعلها -بوجهة نظري الشخصية- تفتقد موضوعيتها أو هي عبارة عن سرد تاريخي لا يضيف للقارئ فهم أعمق لتلك الأحداث، لقد قام د. أحمد عقلة العنزي- وهو بالمناسبة حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة باريس السوربون الفرنسية العريقة- بمحاولة جريئة لاقتحام التاريخ بمنهجية أو أسلوب علمي منضبط، لكي يزيل الغشاوة التي دوماً ما كانت تحيط بأعيوننا وأبصارنا.
    تدور الحكاية حول الصراع التاريخي بين أسرة الحكم وطبقة التجار من أجل... السلطة والثروة، بدأت ملامحها عندما أراد الشيخ مبارك الصباح «مبارك الكبير» بتحقيق حلمه بوضع الأسس المتينه لبناء الدولة، والذي دائماً ما كان التجار يحاولون التصدي له قبل أن يتقلد مقاليد الحكم وذلك نتيجة سيطرتهم ونفوذهم الاقتصادي والسياسي في تلك المرحلة، ولك في المحاولات العديدة التي قام بها التجار بشأن إيقاف غزواته التي كانت تهدف إلى تعزيز مساحة الكويت وحمايتها. حيث كان قبل ذلك يسيطر على الكويت ومفاصلها الاقتصادية مجموعة من التجار «أو الإقطاعيين» الذين لا يساهمون في توجيه جزء من إيراداتهم للإنفاق على الدولة وأهلها، يسيطرون على الساحل والميناء وتجارة الغوص، دون أي التزام يذكر تجاه المجتمع وأفراده، مما دفع «مبارك الكبير» بكل حزم وقوة إلى فرض الضرائب والرسوم عليهم، وذلك في محاولة منه لإيجاد إيراد حقيقي ومستمر لتغطية مختلف نفقات الدولة، كانت فترة حكم «مبارك الكبير» يسودها النهج الفردي في الحكم مستند بذلك على مؤسسة عسكرية شكلها بنفسه مكونه من أبناء البادية والكادحين وأبناء البحارة البسطاء، بالإضافة إلى اتفاقية الحماية البريطانية عام 1899، والتي أعطت أسرة الصباح الحماية الكاملة في إطار الالتزام ببنود الإتفاقية المقرة، مما أدى إلى خلق سدود منيعة للدولة ومفاصلها من أي خطر سواء كان داخياً أو خارجياً، مما دفع التجار المتضررين من تلك السياسات الجديدة إلى هجرة بعضهم وتشكيل ما يعرف بمعارضة «مبارك الكبير» من الخارج وتحديداً من العراق، والبعض الأخر التزم الصمت وبدأ يشتغل بالتجارة عن طريق التهريب كمحاولة للتهرب الضريبي.
    وبعد وفاة الشيخ «مبارك الكبير» وانتهاء فترة حكم أبنائه «سالم وجابر» التي لم تستمر طويلاً، استلم الحكم الشيخ «أحمد الجابر»، والذي اتسمت فترة حكمة بمنعطفات خطيرة، حاول التجار «أو الاقطاعيين» فيها العودة بكل قوة بعد فترة تهميش عانوا منها في فترة حكم الشيخ «مبارك الكبير»، إنها فترة كشر فيها التجار عن أنيابهم بكل قوة وشده مستغلين فيها الأحداث والتطورات التي شهدتها الكويت بداية من فترة التنافس على مسند الإمارة والتي كان أطرافها «الشيخ أحمد الجابر» و«الشيخ عبدالله السالم»، ليعودوا ويبسطوا نفوذهم مره أخرى على الدولة ومقدراتها خصوصاً في مرحلة اكتشاف الذهب الأسود «النفط»، ويذكر أنه في تلك المرحلة ضعفت فيها تجارة البحر بعد أن قامت اليابان بصناعة اللؤلؤ، مما أفقدهم أهم سلعة كانوا يعتمدون عليها في سيطرتهم الاقتصادية، مما جعل توجهاتهم تتجه نحو الدولة ومقدراتها، وفي محاولة منهم للسيطرة، رفعوا شعار المشاركة الشعبية في الحكم من خلال ما يعرف بالمجلس التمثيلية أو التشريعية، ولكن في حقيقة الأمر لم يكن للشعب أي صله بها لا من قريب أو من بعيد، فهم من كان يشكل أنظمتها الانتخابية، ويضع القوائم الانتخابية، والترشح لها محصور عليهم، مما أدى في النهاية إلى سيطرتهم على الدولة ومفاصلها مره أخرى، من خلال تعيين القائمين على مختلف الدوائر من أبناء جلدتهم والمحسوبين عليهم، خفضوا الضرائب، ومن ثم حيدوا الحاكم، حتى أتت نقطة الصفر للسيطرة على مقاليد السياسية وذلك من خلال ما يعرف اصطلاحاً «بالثورة البرجوازية» عندما نشب الخلاف بين الحاكم والمجلس التشريعي حول مطالبة الحاكم تسليم السلاح له بعد أن أشار عليه بذلك حلفاؤه البريطانيون، حيث تمركز التجار وحلفاؤهم والمقربون منهم في موقعين قصر نايف وسوق التجار، إلا أن ونتيجة لموروث «الشيخ مبارك الكبير» وتحديداً في مؤسسته العسكرية المكونة من أبناء البادية والكادحين وأبناء البحارة البسطاء استطاع «الشيخ أحمد الجابر» من مواجهة تلك الأحداث وكبح جماح تلك الأطماع.
    وبعد وفاة «الشيخ أحمد الجابر» تقلد مسند الإمارة «الشيخ عبد الله السالم» والذي يعتبر قريبا جداً من فئة التجار «أو الاقطاعيين» حيث اعتبرت هذه المرحلة عصرهم الذهبي، كيف ذلك؟ من خلال سيطرتهم على المفاصل الاقتصادية للدولة، لقد سيطروا على المجلس المتخصص في عملية الإعمار والتشييد، وإدارة الشركات النفطية، وغيرها، ودعمت الدولة مختلف الشركات التي أسسوها لخدمة مصالحهم وأرباحهم، وبرز أيضاً في تلك المرحلة رموز يعتبرها البعض بأنها وطنية خالصة ولكنها لم تكن إلا مجرد واجهات لفئة التجار أو الإقطاعيين، ولك على سبيل المثال في استقالة جاسم القطامي من جهاز الشرطة خير دليل على ذلك، حيث برر ذلك بأنه لا يريد مواجهة الشعب ومطالبه المستحقة «والتي هي في الأساس مطالب التجار»، علماً بأنه بعد ذلك عين مستشاراً في الديوان الأميري ومن ثم وكيلاً لوزارة الخارجية!! هذا وقد وقعت في هذه المرحلة العديد من الأحداث والصراعات بين السلطة الحاكمة وفئة التجار «أو الإقطاعيين» وكانت هذه المرحلة أيضاً تتسم بالشد والجذب بين مختلف أطراف المعادلة السياسية، حتى أتت الشعرة التي قصمت ظهر البعير بإعلان عبد الكريم قاسم ضم الكويت، وفي محاولة لإنهاء حالة الصراع على السلطة والثروة، اتفق طرفا المعادلة السياسية على وضع دستور للدولة يحدد العلاقة بينهما أي «السطة الحاكمة والتجار» والتخلص من اتفاقية الحماية البريطانية التي كانت أحد أهم المعوقات أمام التجار للسيطرة على مفاصل الدولة الاقتصادية؛ أي أن منتج الدستور ما هو إلا وثيقة إنهاء صراع وخلاف امتد طويلاً بين طرفي المعادلة السياسية، ولك في مراجعة الأحداث المتعلقة بوضع الدستور خير دليل.
    الشاهد من ذلك كله عزيزي القارئ أن دستور دولة الكويت لم يكن للمكون الشعبي دوراً في وضعه، بل هو عقد صلح بين طرفي المعادلة السياسة مستمر حتى وقتنا هذا، انظروا إلى واقعنا من هم الفئات التي تعين على رأس المؤسسات الهامة في دولة الكويت، كالشركات النفطية وهيئات الاستثمار وغيرها، لماذا التمسك بشرط الوكيل المحلي لتنفيذ المشروعات العامة للدولة؟ مما أدى إلى تأخر الكثير منها، والمناقصات الكبرى على من ترسى؟ والاحتكار وصعوبة النفاذ إلى الأسواق لمصلحة من؟، دائماً وبحسب التتبع التاريخي لا يتم اللجوء للمكون الشعبي إلا وقت الأزمات لترجيح كفة على أخرى، ولكن وقت الرخاء يتم التهميش والإقصاء للمكون الشعبي، تصفحوا التاريخ لكي تعوا حاضركم ومستقبلكم، إنه باختصار تحالف السطة مع التجار!.
    د.فيصل المناور
     
    رابط المقال